49

La Dhakhira

الذخيرة

Editorial

دار الغرب الإسلامي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

بيروت

من يَقُول لَو اعْتبرنَا لَانْحَسَمَتْ مَادَّةُ التَّعْلِيمِ وَالْإِقْرَاءِ فَيَنْقَطِعُ الشَّرْعُ وَيَفْسُدُ النِّظَامُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى إِطْفَاءِ نُورِ الْحَقِّ وَإِضْلَالِ الْخَلْقِ حَتَّى يُطَبِّقَ الْأَرْضَ الْكُفْرُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمَفَاسِدَ أَعْظَمُ مِنَ الرِّيَاءِ الَّذِي قَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا يَقَعُ فَإِنَّا وَإِنْ قَطَعْنَا بِوُقُوعِهِ فِي الْجُمْلَةِ لَكُنَّا لَا نَعْلَمُ حَالَ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُتَوَلِّي السَّرَائِرِ فَمَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَلَا وُقُوعُهُمَا وَلِأَنَّ الْعِلْمَ قُرْبَةٌ مُحَقَّقَةٌ وَهَذِهِ الْمَعَاصِي أُمُورٌ عَارِضَةٌ الْأَصْلُ عَدَمُهَا فِي كُلِّ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيمُ إِلَّا لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَعَاصِي طَرْدًا لِقَاعِدَةِ إِلْحَاقِ الْوَسَائِلِ بِالْمَقَاصِدِ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَوَّلِينَ إِنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى انْقِطَاعِ الشَّرْعِ وَتَطْبِيقِ الْكُفْرِ فَأَجَابَ الْغَزَّالِيُّ عَنْهُ فَقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ التَّعْلِيمِ انْقِطَاعُ الشَّرْعِ لِأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الرِّئَاسَةِ وَلَا سِيمَا بألقاب الْعُلُوم ومناصب النُّبُوَّة بَلْ نَابَ الطَّبْعُ مَنَابَ الشَّرْعِ فِي النَّظَرِ فَإِنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْمُسْتَغْرَبَاتِ وَالْفِكْرَةِ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَحْرِيمِ الرِّيَاءِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ عَدَمُهَا الرَّابِعُ يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا تَعَلَّمَ مَسْأَلَةً أَنْ يَنْوِيَ تَعْلِيمَهَا كل من هُوَ من أَهلهَا وَكَذَلِكَ إِذَا عَلَّمَهَا أَنْ يَنْوِيَ التَّوَسُّلَ إِلَى تَعْلِيم كل من يتَعَلَّم مِمَّن علمه فَيكون الْمَنَوِيُّ فِي الْحَالَيْنِ عَدَدًا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى وَلَهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ حَسَنَةٌ فَإِنْ وَقَعَ مَنْوِيُّهُ كَانَ لَهُ عَشْرٌ لقَوْله ﷺ من هم بحسنة فَلم يعلمهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عشر وَهَذَا مَتْجَرٌ لَا غَايَةَ لِرِبْحِهِ أَعَانَنَا اللَّهُ تَعَالَى على الْخَيْر كُله.

1 / 53