40

La Dhakhira

الذخيرة

Editorial

دار الغرب الإسلامي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

بيروت

وَكلما كثر توجهه إِلَيْهَا كثر ضوؤه حَتَّى يَصِيرَ بَدْرًا فَكَذَلِكَ الْعَالِمُ كُلَّمَا كَثُرَ توجهه للنَّبِي وإقباله عَلَيْهِ توفر كَمَاله وَثَانِيهمَا أَنَّ الْعَالِمَ مَتَى أَعْرَضَ عَنِ النَّبِيِّ بِكُلِّيَّتِهِ كَسَفَ بَالُهُ وَفَسَدَ حَالُهُ كَمَا أَنَّ الْقَمَرَ إِذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ كَسَفَ خِلَافًا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْعُلُومَ تُتَلَقَّى بِالتَّوَجُّهِ وَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى النُّبُوَّة وثالثهما أَنَّ الْكَوْكَبَ مَعَ الْبَدْرِ كَالْمَطْمُوسِ الَّذِي لَا أَثَرَ لَهُ وَضَوْءُ الْبَدْرِ عَظِيمُ الْمَنْفَعَةِ مُنْتَشِرُ الْأَضْوَاءِ مُنْبَعِثُ الْأَشِعَّةِ فِي الْأَقْطَارِ بَرًّا وَبَحْرًا وَهَذَا هُوَ شَأْنُ الْعَالِمِ وَأَمَّا الْعَابِدُ فَالْكَوْكَبُ حِينَئِذٍ لَا يَتَعَدَّى نُورُهُ مَحَلَّهُ وَلَا يَصِلُ نَفْعُهُ إِلَى غَيْرِهِ الثَّالِثُ مَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ ﵇ ذُكِرَ لَهُ رَجُلَانِ عَالِمٌ وَعَابِدٌ فَقَالَ ﵇ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قَالَ ﵇ وَإِن الله ﵎ وَمَلَائِكَته وَأهل السَّمَوَات وَالْأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ خَيْرًا وَهَذَا الْحَدِيثُ أَبْلَغُ مِنَ الأول بِكَثِير جدا فَإِن فَضله ﷺ عَلَى أَدْنَاهُمْ أَعْظَمُ مِنْ فَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى الْكَوَاكِبِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً الرَّابِعُ مَا رَوَى ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي جَامِعِ الْمُخْتَصَرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ رُوِيَ أَنَّهُ ﵇ قَالَ مَا جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ فِي الْجِهَادِ إِلَّا كَنُقْطَةٍ فِي بَحْرٍ وَمَا جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْجِهَادِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ إِلَّا كَنُقْطَةٍ فِي بَحْرٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَبَرِ يُوزَنُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ وَدَمُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَرْجَحُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ عَلَى دَمِ الشُّهَدَاءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَعْلَى مَا لِلشَّهِيدِ دَمُهُ وَأَدْنَى مَا لِلْعَالِمِ مِدَادُهُ فَإِذَا رُجِّحَ الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى فَمَا الظَّنُّ بِالْأَعْلَى مَعَ الْأَدْنَى

1 / 44