La Dhakhira
الذخيرة
Editorial
دار الغرب الإسلامي
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1414 AH
Ubicación del editor
بيروت
الثَّالِثُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما﴾ وَعَادَةُ الْعَرَبِ فِي سِيَاقِ الِامْتِنَانِ تَأْخِيرُ الْأَفْضَلِ وَتَقْدِيمُ الْمَفْضُولِ عَلَى الْأَفْضَلِ فَتَكُونُ مَوْهِبَتُهُ ﵊ مِنَ الْعِلْمِ أَفْضَلَ مِنْ مَوْهِبَتِهِ مِنَ الْإِنْزَالِ الْمُتَضَمِّنِ لِلنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَهَذَا شَرَفٌ عَظِيمٌ شَبَّ فِيهِ عَمْرٌو عَنِ الطَّوْقِ الرَّابِعُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ سُلَيْمَانَ ﵇ فِي أَمر الهدهد ﴿لأعذبنه عذَابا شَدِيدا﴾ فَلَمَّا جَاءَ الهدهد قَالَ ﴿أحطت بِمَا لم تحط بِهِ﴾ فاشتدت نَفْسُهُ وَاسْتَعْلَتْ هِمَّتُهُ بِمَا عَلِمَهُ عَلَى سَيِّدِ أَهْلِ الزَّمَانِ وَرَسُولِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ مَعَ عِظَمِ مُلْكِهِ وَهَيْبَةِ مَجْلِسِهِ وَعِلْمِ الْهُدْهُدِ بِحَقَارَةِ نَفْسِهِ وَمَا تَقَرَّرَ عِنْدَ سُلَيْمَانَ ﵇ مِنْ جَرِيمَتِهِ وَالْعَزْمِ عَلَى عُقُوبَتِهِ فَلَوْلَا أَنَّ الْعِلْمَ يَرْفَعُ مِنَ الثَّرَى إِلَى الثُّرَيَّا لَمَا عَظُمَ الهدهد بعد أَن كَانَ يود أَن لَو كَانَ نَسْيًا مَنْسِيًّا فَلَا جَرَمَ أَبْدَلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ بِالْإِكْرَامِ النَّفِيسِ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِ خِلَعَ الرِّسَالَةِ إِلَى بِلْقِيسَ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ مَا فِي الْمُوَطَّأ من يرد الله خيرا يفقه فِي الدِّينِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْصُورٌ فِي الْخَبَرِ وَالشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ مَحْصُورٌ فِي مَشْرُوطِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فَيَكُونُ الْمُرَادُ الْخَيْرُ مَحْصُورٌ فِي الْمُتَفَقِّهِ فَمَنْ لَيْسَ بِمُتَفَقِّهٍ لَا خَيْرَ فِيهِ الثَّانِي مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ ﷺ
مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهَا عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ
وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعلم
1 / 42