مُختارات المحاضرات وإن كان في هذا الإطلاق بعضُ الظلم للذخائر والعبقريات لأنّها في الواقع مختار المحاضرات وغير المحاضرات، وإيّاك والظنَّ أن هذا العمل وحده هَيْنٌ لَيْنٌ، فقد علمت أنّ المحاضراتِ لقد طغى عليها التحريف والتصحيف إلى حدّ أنَّ كل حرف، فضلًا عن كل كلمة، من آيةٍ كريمة، أو حديثٍ شريف، أو بيتٍ من الشعر، أو كلمةٍ مأثورة، لا بدَّ أن أحقِّقَه بالرجوع إلى
مصادره المختلفة حتى يستقيمَ ويقرّ به القرار، وإذ ذاك أُلقي عصا التسيارِ، إذ تقرُّ عيني كما قرَّ عينًا بالإياب المسافر. . .
يَجيء بعد ذلك أنّي كلّما رأيتُ الراغبَ يورد في أيّ باب من الأبواب أثرًا من آثارهم، أكان من المنظوم أم من المنثور، فزعت إلى مظانِّه، فأكملتُ ما لا بدَّ من إكماله، وزدت ما استحسن زيادته، من كل ما قد يعلق بالذاكرة، أو أتَعثَّر عليه في أثناء مُطالعاتي ومُراجعاتي.
أمّا أبوابُ هذا المعجم فقد عَدَلْتُ بها وانحرفت لا عن أبواب المحاضرات فحسب، بل عنها وعن سائر ما كان على غرارِ المحاضراتِ من سائر الموسوعات، وأنتَ إذا تصفَّحت الذخائر والعبقريات بدا لك أنّي ابتكرت طريقة مُثلى في تبويبها، فقد جهدت جَهْدي أن تكون الأبواب متجانسةً متجاوبةً، ومن ثمَّ كسرْتُ هذا المعجم عل كتب وطويت الكتب على أبوابٍ وأدرجت في كل باب سائرَ المعاني المتشابكة الأرحام. . .
أمّا عناوينُ المعاني فقد انتفعت بعناوين الراغب كلَّ الانتفاع، فحذوتُ على حَذْوها بعدَ شيءٍ من التصرُّف والتحويرِ والزيادةِ في أكثر العناوين.
مقدمة / 10