فقال: مَن يأتيك بها ممن زودت أكثر، وليس بيت مما قالته الشعراء إلا وفيه مطعن، إلا قول الحطيئة هذا. ويُروى أن كعبًا الحِبْرَ - المشهور بكعب الأحبار - لما سمع هذا البيت قال: والذي نفسي بيده: إنّ هذا البيت لمكتوبٌ في التوراة. . . وقال عبيد بن الأبرص:
والخيْرُ يَبْقَى وإنْ طالَ الزمانُ به ... والشَّرُّ أخْبَثُ ما أوْعَيْتَ مِن زادِ
يقال: أوعيتَ الزادَ والمتاعَ: إذا جعلته في الوعاء.
وقال أبو العتاهية:
لَيَعْلَمَنَّ الناسُ أنَّ التُّقَى ... والبِرَّ كانا خيرَ ما يُذخَرُ
وقبله قال الأخطل - ورواه المبرّد في الكامل للخليل بن أحمد واضع علم العروض -:
وإذا افتَقَرْتَ إلى الذّخائرِ لَم تَجِدْ ... ذُخْرًا يكون كصالحِ الأعمالِ
روى صاحب الأغاني: أن هشام بن عبد الملك لما سمع الأخطل وهو يقول هذا البيت قال: هنيئًا لك أبا مالك هذا الإسلام! فقال الأخطل: يا أمير المؤمنين، ما زلت مسلمًا في ديني؛ وقبل هذا البيت في ديوان الأخطل:
والناسُ هَمُّهُمُ الحياةُ وما أرَى ... طُولَ الحياةِ يَزيدُ غيرَ خَبالِ
الخبال: الفساد، أو هو لون من الجنون. . .
وقال أحمد شوقي في نهج البردة: - وهذه الأبياتُ يصحُّ أن تذكر في باب التقوى وفي باب الدّنيا وفي الزهد، كما يصحُّ أن تذكر في هذا الموضع -:
يا نفسُ دُنياكِ تُخْفِي كُلَّ مُبْكِيةٍ ... وإنْ بَدَا لكِ منها حُسنُ مُبْتَسمِ
فُضِّي بتَقواكِ فاها كلّما ضَحِكَتْ ... كما يُفَضُّ أذَى الرَّقْشاءِ بالثَّرَمِ
لا تَحْفِلِي بجنَاها أو جِنايتِها ... الموتُ بالزَّهْرِ مِثلُ الموتِ بالفَحَمِ
1 / 4