الباب الأول في البرِّ والتقوى
البرُّ وألوانه
قال علماؤنا ما خلاصتُه: إنّ أصل معنى البر: السَّعة، ومنه البَرُّ - بفتح الباء - مقابل البحر، ثم اشتُقّ منه البِرّ بمعنى التوسُّع في فعل الخير، وكلّ فعل مرضيٍّ. . . وهكذا أطلقوه على التوسّع في الإحسان إلى الناس، وهو لُبابُ البرّ؛ وعلى صلة الرحم، وهي عنوان البِرّ؛ وعلى التقوى، وهي جِماع البر، قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى﴾، وقال لبيد:
وما البِرُّ إلا مُضمراتٌ من التّقى
وورد البرُّ في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف وفي شعر العرب مقابلًا للإثم - والإثم: الشرُّ وكل فعل غير مرضيٍ مما يؤثم - قال ﷿: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. واقترانه بالتقوى يدلّ على أن البرّ بسبيلٍ من التقوى، ورُوي أنّ سائلًا سأل المصطفى صلوات الله عليه عن البِرّ والإثم، فقال: (البرُّ ما سكنت إليه نفسُك واطمأنّ به قلبك، والإثمُ ما حاكَ في نفسك وتردَّد في صدرك، وإن أفتاك الناس)، أو كما قال. حاك في نفسك: أي أثر فيها ورسخ وحزَّ
1 / 2