Oro Fundido en la Predicación a los Reyes
الذهب المسبوك في وعظ الملوك
Géneros
قال يا صاحب الكفن: أما الخمر فقد حرمها الله ولكن الخمر لا تعرف إلا بثلاث جوارح بالنظر والشم والذوق أفتشربها أنت؟ قال: معاذ الله أن أنكر ما أشرب قال أفممكن في وقتك هذا أن توقفنا على بيعها حتى نوجه معك من يشتري منها؟ قال ومن يظهره إلي أو يبيعنيها وعلي هذا الكفن، قال: صدقت قال: فكأنك إنما عرفتها بهاتين الجارحتين، يا عجيف علي بقوارير فيها شراب فانطلق عجيف فأتاه بعشرين قارورة فوضعها بين يديه في أيدي عشرين وصيفا ثم قال: يا صاحب الكفن: نفيت من آبائي الراشدين المهديين إن لم تكن الخمر فيها فإنك تعلم أن الخمر من ستر الله على عباده وأنه لا يجوز لك أن تشهد على قوم مستورين إلا بمعاينة وعلم ولا يجوز إلا بمعاينة بينة وشاهدي عدل، قال فنظر صاحب الكفن إلى القوارير فقال له عجيف: أيها الرجل لو كنت خمارا ما فرقت موضع الخمر بعينها بين هذه القوارير، فأخذ المأمون القارورة فذاقها ثم قطب ثم قال: يا صاحب الكفن انظر هذه الخمر فتناول الرجل القارورة فذاقها فإذا خل ذابح، فقال قد خرجت هذه عن حد الخمر فقال المأمون: صدقت إن الخل مصنوع من الخمر لا يكون خلا ولا والله ما كانت هذه خمرا قط ما هو إلا رمان حامض يعصر لي فأصطبح به من ساعته. فقد سقطت الجارحتان وبقي الشم يا عجيف صيرها في رصاحيات وأت بها قال: ففعل فعرضت على صاحب الكفن فشمها فوقع شمه على قارورة منها فيها مينتخج فأخذها المأمون فصبها بين يديه وقال انظر إليها كأنها طلاء عقدتها النار بل تقطع بالسكين قد أسقطت إحدى الثلاث يا صاحب الكفن،
ثم رفع المأمون رأسه إلى السماء فقال: اللهم إني أتقرب إليك بنهي هذا ونظرائه عن الأمر بالمعروف. يا صاحب الكفن أدخلك الأمر بالمعروف في أعظم المنكر، شنعت على قوم باعوا من هذا الخل ومن المينتخج الذي شممت فلم تسلم استغفر الله من ذنبك هذا العظيم وتب إليه.
Página 226