Oro Fundido en la Predicación a los Reyes
الذهب المسبوك في وعظ الملوك
Géneros
فأما ما يسرني من لقائه فأجو أن يكون له فيه بعض الكبحات عن غيه وأما الذي يسؤوني فيه فلم أر مثله يرفل في سوابغ النعم عريانا من الشكر، ثم قطب بين عينيه ثم قال: ما قدر من كان لله عاصيا؟ لا حاجة لي في لقائه. فلم أزل أرفق به حتى أذن له. فرجعت إلى الرشيد فأعلمته وقلت له: ليس تطمع فيه إلا في وقت إفطاره وكان إفطاره كاختطاف الطير حبة فركب الرشيد ولبس مبطنه وطيلسانا وغطى رأسه ومعه مسرور الخادم وأنا فقرعت عليه الباب فنزل وفتح ودخل ودخلت معه ووقف مسرور على الباب فسلم عليه الرشيد قائما فشم منه الفضيل رائحة المسك فقال اللهم إني أسألك رائحة الجنة التي أعددتها لأوليائك المتقين في جنات النعيم وتبادرت دموعه على لحيته فقلت: يا أبا علي هذا أمير المؤمنين واقف يسلم عليك، فرفع رأسه وقال: إنك لهو يا حسن الوجه ونظر الرشيد وهو يبكي فقال له: اعلم أن الأحكام قد سلبت فضيلة العقل وظهر في الملة والذمة عدوان الأمرين، وهو في صحيفة تدرج معك في كفنك ليوم النشور فقد بدت لك شرعة نفاذ ما أنت فيه فيمن تقدمك من آبائك ثم نهض وقال: الله أكبر: فقلت يا أمير المؤمنين: أما إذا افتتح الصلاة فليس فيه حيلة، وانصرفنا فقال لي الرشيد وهو خارج: لولا خجلي منك قبلت ما بين عينيه فقلت والله: لوددت أنك فعلت.
Página 224