Descartes: Una introducción muy corta
ديكارت: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
الأخلاق من وجهة نظر ديكارت لم تكن وحسب مسألة سيطرة على الانفعالات لدى البشر، بل توسعت لتحيط بفكرة المنفعة العامة. بصفة عامة، راسل ديكارت إليزابيث في الخامس عشر من سبتمبر عام 1645 قائلا إن المنفعة العامة يجب أن تتقدم على الخاصة، ودعم وجهة النظر هذه عمل أشبه بأطروحة ميتافيزيقية مفادها أن الكل أهم من الجزء، وأن الكون أهم من الأرض.
الفصل التاسع عشر
الأيام الأخيرة
ترك ديكارت هولندا قاصدا السويد عام 1649. وكان السفير الهولندي في ستوكهولم بيير شانو يراسل ديكارت بالنيابة عن الملكة كريستينا التي أرسلت - شأنها شأن الأميرة إليزابيث - أسئلة للفيلسوف عن الانفعالات، إضافة إلى موضوعات أخرى في الفلسفة الأخلاقية. ولكي يلمح لها تلميحا عن النظرية خلف آرائه التي أعرب عنها في خطاباته، قدم ديكارت لكريستينا نسخة من مؤلفه «انفعالات النفس»، وأعجبت الملكة بالكتاب أيما إعجاب، لدرجة أنها طلبت من ديكارت أن يزور بلاطها. تردد ديكارت لكنه قبل دعوتها في النهاية.
كان ديكارت لديه ما يجعله ينفر من هولندا؛ فصراعه الطويل مع فوتيوس في أوتريخت تبعه جدال آخر في ليدن، أطرافه مرة أخرى أنصار ديكارت من الفلاسفة وعلماء اللاهوت المناوئين له. كان ديكارت متهما بالهرطقة البيلاجية (إنكار الخطيئة الأولى والتأكيد على احتمالية الخلاص دون الغفران الإلهي) في أطروحات خطها أستاذ يعرف باسم ترايجلانديوس. وانضم ريفيوس، عميد الكلية اللاهوتية الملحقة بجامعة ليدن، أيضا إلى زمرة الذين اتهموا ديكارت بالكفر. (سبق أن أعرض ديكارت عن ريفيوس بعد محاولة الأخير إقناع ديكارت بأن يدين بالبروتستانتية، ويبدو أنه كان يحمل له ضغينة.) في مايو 1647، كتب ديكارت رسالة إلى الجامعة ومسئولين في المدينة للاعتراض على هجمات علماء اللاهوت الشرسة، وتحدى خصومه بتفنيد اتهاماتهم بفقرات من كتاباته. في النهاية، صدر قرار يحظر الإشارة إلى أفكار ديكارت في أية أطروحات أو دروس تدرس في ليدن. وفي هذه الفترة، بدأ ديكارت يفكر في الرحيل عن هولندا بلا رجعة.
وقرابة الوقت الذي نشرت فيه النسخة الفرنسية من «مبادئ الفلسفة»، حاول أصدقاء ديكارت في فرنسا أن يؤمنوا له حظوة لدى ملك فرنسا. منح ديكارت معاشا، عانى في استلامه لاحقا، وسافر إلى باريس عام 1648 ليرى إن كان بإمكانه الحصول على وظيفة لدى الملك. وكانت الرحلة محبطة؛ حيث اشتكى ديكارت من أنه لم يلفت انتباه الناس إلا باعتباره كائنا غريبا، كفيل أو نمر (5 : 329). شعر بالوحشة في باريس التي كانت تموج بالاضطرابات السياسية آنذاك ، هذا بالإضافة إلى أن ميرسين كان يحتضر. سافر ديكارت إلى هولندا في نهاية شهر أغسطس، وتوفي ميرسين في غرة سبتمبر، وأصبح مراسله الأساسي كلود كليرسيلييه.
ولذا عاد ديكارت إلى هولندا بخفي حنين ليواجه جدلا جديدا؛ فقد انقلب عليه ريجيوس الذي كان له حليفا في صراعه مع فوتيوس. وفي عام 1646، نشر ريجيوس، بالمخالفة لمشورة ديكارت، أطروحة في الفيزياء تحتوي في المقام الأول على أفكار مستعارة من ديكارت، علاوة على آراء ميتافيزيقية مشوهة لرؤى ديكارت. تبرأ ديكارت من أطروحة ريجيوس في مقدمة النسخة الفرنسية من «مبادئ الفلسفة» عام 1647، ورد عليه ريجيوس في أطروحة له، فأجابه ديكارت برد سريع يفند كل نقطة على حدة فيما عرف باسم «ملاحظات على برنامج محدد» عام 1648.
كان من المتوقع أن تجعل الإحباطات والنزاعات العديدة التي جرت في أواخر أربعينيات القرن السابع عشر من ديكارت شخصا منعزلا يعيش على مقربة من ألكمار في مدينة إجموند، لكنه ظل يستقبل زوارا، وكان من بينهم شاب يدعى فرانس بورمان. سجل بورمان حوارا فلسفيا طويلا دار بينه وبين ديكارت على العشاء في أبريل 1648. وكان بورمان قد أعد له مجموعة كبيرة من الأسئلة بدا أن ديكارت أجاب عنها بصراحة مدهشة وحضور ذهني يحسد عليه.
شكل 19-1: الملكة كريستينا ملكة السويد تصغي السمع إلى ديكارت وهو يلقي عليها درسا في الفلسفة في الصباح الباكر؛ الأمر الذي أدى إلى وفاته في سن صغيرة عام 1650.
1
Página desconocida