دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة
دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة
Editorial
مكتبة السنة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٩٨٩ م
Géneros
وفي [ص ١٢٩] ذكر أَنَّ الأحاديث الصحيحة كانت في أول الأمر في فضل المسجد الحرام ومسجد الرسول، ولكن بعد بناء قبة الصخرة ظهرت أحاديث في فضلها وفضل المسجد الأقصى، واعتبر ذكر المسجد الأقصى في حديث: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى» من الإسرائيليات الموضوعة، واستند في دعواه إلى ما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، [أَنَّهُ قَالَ]: إِنَّ امْرَأَةً اشْتَكَتْ شَكْوَى، فَقَالَتْ: إِنْ شَفَانِي اللهُ لأَخْرُجَنَّ فَلأُصَلِّيَنَّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَبَرَأَتْ، ثُمَّ تَجَهَّزَتْ تُرِيدُ الْخُرُوجَ، فَجَاءَتْ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ تُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَتْهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ: اجْلِسِي فَكُلِي مَا صَنَعْتِ، وَصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ ﷺ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: " صَلاَةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلاَّ مَسْجِدَ الكَعْبَةِ "» قال: «ولو أَنَّ المسجد الأقصى كان قد ورد فيه تلك الأحاديث لما منعت ميمونة هذه المرأة من أَنْ تُوفِي بنذرها!!».
وللجواب على هذه المزاعم نقول:
١ - إننا لا ننكر أنه وُضِعَ في فضل بيت المقدس والصخرة أحاديث وآثار كثيرة، ولكن الذي ننكره حقًا أَنْ يكون ذكر بيت المقدس في حديث «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ» من قبيل الوضع والدَسِّ، وأعتقد أنه من الإسراف في الحُكْم والشطط في البحث أَنْ يُجَرِّدَ باحث بيت المقدس من الفضيلة، ويعتبر كل ما ورد فيه من صنع بني إسرائيل، وكيف وفضل بيت المقدس لم يثبت بالأحاديث الصحيحة فحسب؟ ولكنه ثبت ثبوتًا قطعيًا بالقرآن المتواتر الذي لا يتطرق إليه الشك قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (١) فلم يَعُدْ ثَمَّةَ مجال للحدس والظن الذي لم يقم على أساس ولا يستند إلى دليل وبيت المقدس قِبْلَةُ الأنبياء السابقين ومهاجرهم، وثاني المساجد التي وضعت في الأرض وشرفت بناه حفيد الخليل يعقوب - عَلَيْهِمَا الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - وَجَدَّدَهُ نبي الله سليمان - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وإليه توجه المسلمون في صلاتهم بعد الهجرة بضعة عشر شهرًا، فكيف يستبعد المؤلف أَنْ يذكر هو ومسجد مكة والمدينة في حديث وَإِنْ كان دونهما في الفضل؟ والمساجد الثلاثة يجمعها أنها آثار، وتحمل ذكريات مجيدة لبعض أنبياء الله ورسله الكرام، ولو أَنَّ المؤلف كان باحثًا حقًا لنقده من وجهة سنده ومتنه نقدًا علميًا صحيحًا بدل أَنْ يلقي بالقول جزافًا.
_________
(١) [سورة الإسراء، الآية: ١].
1 / 78