دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة
دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة
Editorial
مكتبة السنة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٩٨٩ م
Géneros
وما بعدها إشارة إلى العلم الوهبي الذي يضعه الله حيث شاء.
ومتى اجتهد النَّبِي ﷺ وسكت الوحي عن اجتهاده اعتبر هذا إقرارا من الله ﷾ له واكتسب صفة ما أوحى إليه به وبهذا المعنى يعتبر كل ما صدر عن النَّبِي وحيا، وصدق الله حيث يقول: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ (١)
وقد عنيت الأُمَّة الإسلامية بتبليغ هذين الأصلين عناية فائقة لم تعهد في أمَّة من الأمم نحو ما أثر عن أنبيائها وملوكها وعظمائها، فقد حفظ الصحابة القرآن وتدبروه وفقهوه، وبلغوه كما أنزله الله إلى من جاء بعدهم من التابعين وحمله التابعون وبلغوه - كما تلقوه - إلى من جاء بعدهم، وهكذا تداوله الجم الغفير الذين لا يحصون في كل عصر إلى أهل العصر الذين يلونهم، وانضم إلى الحفظ والتلقي الشفاهي التقييد بالكتابة في عصر النَّبِي ﷺ وبعد عصر النَّبِي ﷺ، حتى وصل إلينا لا تزيد فيه ولا اختلاق ولا تحريف ولا تبديل، مصداقا لقول الله سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٢).
وكذلك عني الصحابة بالسُنَّةِ المحمدية حفظًا وفهمًا وفقهًا وبلغوها بلفظها - وهو الغالب والأصل - أو بمعناها إلى من جاء بعدهم من التابعين، وبلغها التابعون لتابعي التابعين وهَلُمَّ جرًا.
ولم تكن السنن والأحاديث مدوَّنة بصفة عامة في القرن الأول وذلك لما ورد من النهي عن ذلك خشية اختلاطها بالقرآن أو اشتغال الصحابة بها عن القرآن وبذلك انتهى القرن الأول والكاتبون للسُنَّة قليلون وإنْ كان الحافظون لها المقيِّدُون لها في الصدور كثيرين.
ولم يكد يبدأ القرن الثاني حتى بدأ التدوين بصفة عامة، ونشط العلماء لهذا العمل المشكور نشاطًا قويًا، وقد اقترنت حركة التدوين بحركة النقد والتعديل والتجريح والتحرِّي عن الحق والصدق والصواب، ووضع أئمة الحديث وصيارفته لهذا أدقَّ قواعد النقد وآصلها وأعدلها سواء أكان ذلك يتعلق بنقد الأسانيد أم المتون.
_________
(١) [سورة النجم، الآيتان: ٣ - ٤].
(٢) [سورة الحجر، الآية: ٩].
1 / 6