عاشور: "ثم أمر بالدعاء لهما برحمة الله إياهما وهي الرحمة التي لا يستطيع الولد إيصالها إلى أبويه إلا بالابتهال إلى الله تعالى" (^١).
فلا يستشعر هذا الأمر ويقوم به إلا الصالح البار من الأولاد فكان مرجوا منه الدعاء لوالديه أكثر من غيره؛ لأنه عاملا بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ؛ أما الفاسق أو غيره من العصاة فالغالب عليهم التهاون أو ترك العمل بأوامر الله ورسوله ﷺ فلم ينفعوا أنفسهم فضلا عن غيرهم.
الثاني: من باب تمام البر الذي على الولد لوالديه، ولذلك جاء في الحديث: عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي، قال: بينا نحن عند رسول الله ﷺ: إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما» (^٢) فكما بر بهما في حياتهما، كان الدعاء لهما بعد موتهما من أفضل البر بهما بعد الموت؛ لأن البر في حياتهما يكون معظمه متعلق في إصلاح المعيشة الدنيوية، وأما الدعاء لهما بعد الموت يكون كله متعلق بالحياة الأخروية والدار الباقية التي هي دار القرار، فيكون به تكفير