﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (١) .
﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (٢) .
فليس التخصيص في توجيه الدعوة الإسلامية، إلى العرب أو بني إسرائيل بمناف لعموم الرسالة إلى الثقلين!
ولهذا فإن البشرية كلها -بل، والجن كذلك- مخاطبون برسالة محمد ﷺ، ومسئولون عن دعوته وعن مدى استجابتهم واتباعهم لها.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب» .
وأولئك البقايا الذين عناهم الرسول ﷺ في هذا الحديث، كانوا متمسكين بدين المسيح الحق قبل بعثة محمد ﷺ.
أما منذ بعث محمد ﷺ فمن لم يؤمن به فهو كافر من أهل النار، كما قال ﷺ: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولا يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» .
ثم إنه من المعروف أن بني إسرائيل كانوا أكثر الأمم أنبياء. . بعث إليهم موسى وبعث إليهم بعده أنبياء كثيرون. . . حتى قيل: إِنهم بلغوا ألف نبي. . كلهم يلتزمون بشريعة التوراة، يأمرون بها، ويدعون إليها، ولا يغيرون منها شيئًا. . . ثم جاء المسيح بعد ذلك بشريعة أخرى غير فيها بعض شرع التوراة بأمر الله
(١) سورة الأعراف، ٣١.
(٢) سورة الأعراف، الآيتان ٣٥، ٣٦.