El Estado Omeya en Sham
الدولة الأموية في الشام
Géneros
45
وقال المدائني: «أتي الحجاج بأسيرين ممن كان مع ابن الأشعث، فأمر بضرب أعناقهما، فقال أحدهما: أصلح الله الأمير إن لي عندك يدا، قال: وما هي؟ فقال: ذكر ابن الأشعث أمك يوما بسوء فنهيته، قال: من يعلم ذلك؟ قال: هذا الأسير الآخر، فسأله الحجاج فقال: قد كان ذلك، فقال له: لم لم تفعل مثل ما فعل؟ قال: أينفعني الصدق عندك؟ قال: نعم، قال: لبغضك وبغض قومك، فقال الحجاج: خلوا عن هذا لصدقه وعن هذا لفعله.»
46
وبلغت به الصراحة حدا أنه عدد عيوبه فقال: «أنا لجوج حقود حسود»،
47
وأولع الحجاج بتزيين نفسه وترتيب هندامه، حتى لقد قال فيه ابن بردة - أحد أشراف العراق: «كان عدو الله يتزين تزين المومسة، ويصعد المنبر فيتكلم بكلام الأخيار، فإذا نزل عمل عمل الفراعنة، وأكذب في حديثه من الدجال.»
48
أما فلسفته في الحياة فترمي إلى الحث على الأعمال الصالحة؛ لأن هذه الدنيا ليست بدار قرار، وكانت مواعظه كلها تحض على التقوى ومخافة الله واليوم الآخر، وهاك أشهرها: (1) «ألا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، رجل خطم نفسه وزمها فقادها بخطامها إلى طاعة الله، وكبحها بزمامها عن معصية الله.» (2) «امرؤ زود نفسه، امرؤ اتهم نفسه على نفسه، امرؤ اتخذ نفسه عدوة، امرؤ حاسب نفسه قبل أن يكون الحساب إلى غيره، امرؤ نظر إلى ميزانه، امرؤ نظر إلى حسابه.» (3) «أما بعد، فإن الله كتب على الدنيا الفناء وعلى الآخرة البقاء، فلا فناء لما كتب عليه البقاء، ولا بقاء لما كتب عليه الفناء، فلا يغرنكم شاهد الدنيا على غائب الآخرة، وا قهراه، وأطول الأمل بقصر الأجل.» (4) «امرؤ غفل عن الله تعالى، امرؤ أفاق واستفاق فأبغض المعاصي والنفاق وكان إلى عند الله بالأشواق، امرؤ ذهبت ساعة من عمره لغير ما خلق لحري أن تطول عليها حسرته إلى يوم القيامة.»
49 (5) «امرؤ زود عمله، امرؤ حاسب نفسه، امرؤ فكر فيما يقرؤه في صحيفته ويراه في ميزانه، امرؤ كان عند قلبه زاجرا وعند همه ذاكرا، امرؤ أخذ بعنان قلبه كما يأخذ الرجل بخطام جمله، فإن قاده إلى طاعة الله قبله وتبعه وإن قاده إلى معصية الله كفه.»
50
Página desconocida