El Estado Omeya en Sham
الدولة الأموية في الشام
Géneros
أما ساعد عبد الملك القوي في تجنيد الجند وتجهيز الجيوش فكان الحجاج بن يوسف، فاستعمل هذا الشدة مع المتقاعسين عن القتال. وقد أكد لنا ذلك العقد الفريد فقال: «لما استقرت البيعة لعبد الملك أراد الخروج إلى مصعب، فجعل يستنفر أهل الشام فيبطئون عليه، فقال له الحجاج بن يوسف: سلطني عليهم، فوالله لأخرجنهم معك. قال له: قد سلطتك عليهم. فكان الحجاج لا يمر على باب رجل من أهل الشام قد تخلف عن الخروج إلا أحرق عليه داره، فلما رأى ذلك أهل الشام خرجوا.»
13
ولما تم لعبد الملك الاستيلاء على العراق بعث عماله على البلاد وأكثر الحامية في المصرين وبذل للناس في العطاء، وقد أقام حفلة كبرى في الخورنق بعد استيلائه على الكوفة دعى إليها الأشراف والوجوه، فجلسوا معه وتحادثوا وإياه، ثم مدت الموائد فأكلوا وشربوا، وطاف القصر يشاهد آثاره الباقية وأطلاله الدارسة. ويمكنا أن نعد هذه الحفلة من الوجهة السياسية الفصل الأخير من فصول الحركة الزبيرية في العراق. (أ) القضاء على الحركة الزبيرية في الحجاز
خفقت الأعلام الأموية على العراق بعد أن قتل عبد الملك صديقه وعشير صباه مصعبا، حبا بتوطيد ملكه وتنفيذا لسياسة الشدة التي اتخذها غايته الأولى وهدفه الذي لا هدف بعده في إدارة أحكام الدولة. نعم لم يبق أمامه إلا ابن الزبير في الحجاز، فوضع نصب عينيه مقاومته والقضاء على حركته، وقد ساعده على ذلك عوامل ثلاثة:
العامل الأول:
خضعت العراق لعبد الملك فأسقط في يد ابن الزبير إذ حرم منها الرجال والذخيرة والمادة، فأصبح جيشه في حال بائسة، لا سيما وكلنا يعلم فقر الحجاز ونضوب مواردها. وقد وصف مشاهد غنى الجند الأموي الذي وجهه عبد الملك إلى مكة فقال: «وأصحابه - للحجاج قائد الحملة - متسلحون، ورأيت الطعام عندهم كثيرا، ورأيت العير تأتي من الشام تحمل الطعام والكعك والسويق والدقيق، فرأيت أصحابه مخاصيب. ولقد ابتعنا من بعضهم كعكا بدرهم فكفانا إلى أن بلغنا - الجحفة - وإنا لثلاثة نفر.»
14
العامل الثاني:
أحب الحجازيون - بحكم السابقة - الاستسلام للأمويين بعد أن هدأت العراق ورضخ سكانها للحكم الأموي، فتخلوا عن ابن الزبير وأعلموه أن مصيره للهلاك، إذ من العبث مقاومة عبد الملك وهم فقراء معدمون، فوصف لنا مشاهد عياني أيضا كيفية خذلان الحجازيين لابن الزبير فقال: «رأيت ابن الزبير يوم قتل وقد تفرق عنه أصحابه، وخذله من معه خذلانا شديدا، وجعلوا يخرجون إلى الحجاج حتى خرج إليه نحو من عشرة آلاف. وذكر أنه كان ممن فارقه وخرج إلى الحجاج ابناه حمزة وخبيب فأخذا منه لأنفسهما أمانا»،
15
Página desconocida