El Estado Omeya en Sham
الدولة الأموية في الشام
Géneros
وكان الأخطل مسيحيا تغلبيا من أهل الحيرة، واسمه غياث بن غوث ويكنى أبا مالك، واشتهر بمحبته للخمرة، وكان لا يجيد النظم إلا إذا شربها، وتساهل الخلفاء معه فأذنوا له أن يحضر مجالسهم وهو سكران وعلى صدره صليب من ذهب، قال أبو الفرج الأصفهاني: «كان الأخطل يجيء وعليه جبة خز وحرز خز، في عنقه سلسلة ذهب فيها صليب ذهيب، تنفض لحيته خمرا، حتى يدخل على عبد الملك بن مروان بغير إذن.»
5
وقد أكد لنا أبو الفرج أيضا أنه بلغ من تساهل الأمويين معه وإعجابهم به أنهم أذنوا له أن يشرب الخمرة في البلاط فقال: «دخل الأخطل على عبد الملك بن مروان فاستنشده، فقال: قد يبس حلقي فمر من يسقيني، قال: اسقوه ماء، فقال: شراب الحمار وهو عندنا كثير، قال: فاسقوه لبنا، قال: عن اللبن فطمت، قال: فاسقوه عسلا، قال: شراب المريض، قال: فتريد ماذا؟ قال: خمر يا أمير المؤمنين، قال: أوعهدتني أسقي الخمر لا أم لك؟! لولا حرمتك بنا لفعلت بك وفعلت، فخرج فلقي فراشا لعبد الملك، فقال: ويلك إن أمير المؤمنين استنشدني وقد صحل صوتي، فاسقني شربة خمر، فقال: أعدله بآخر فسقاه آخر ... اسقني ثالثا فسقاه ثالثا ... فدخل على عبد الملك فأنشده، ثم ألقى عليه من الخلع ما يغمره وأحسن جائزته، وقال: إن لكل قوم شاعرا، وإن شاعر بني أمية الأخطل.»
6
وكان الأخطل مع إدمانه للخمرة متعصبا لدينه يخاف جماعة الأكليروس ويرهب قصاصهم، وطالما أنزلوا به عقوبتهم لتشبيبه وغزله بالجميلات من بنات العائلات ربات الخدور، ولهجوه بعض المتنفذين ممن يكره أو يضمر لهم العداء، قال إسحاق بن عبد الله: «خرجت إلى دمشق أنظر إلى بنائها، فإذا كنيسة وإذا الأخطل في ناحيتها ... فقال: ... إن لك موضعا وشرفا، وإن الأسقف قد حبسني، فأنا أحب أن تأتيه تكلمه في إطلاقي ... قلت: نعم، فذهبت إلى الأسقف وانتسبت إليه، فكلمته وطلبت إليه في تخليته فقال: مهلا أعيذك بالله أن تكلم في مثل هذا فإن لك موضعا وشرفا، وهذا ظالم يشتم أعراض الناس ويهجوهم، فلم أزل به حتى قام معي فدخل الكنيسة، فجعل يوعده ويرفع عليه العصا، والأخطل يتضرع إليه وهو يقول له: أتعود؟ أتعود؟ فيقولوا: لا ... فقلت له يا أبا مالك، تهابك الملوك وتكرمك الخلفاء، وذكرك في الناس عظيم أمره، قال: إنه الدين إنه الدين.»
7
وروى أبو الفرج بإسناده: «رأيت الأخطل بالجزيرة وقد شكي إلى القس وقد أخذ بلحيته وضربه بعصاه، وهو يصي كما يصي الفرخ، فقلت له: أين هذا مما كنت فيه بالكوفة؟ فقال: يا ابن أخي إذا جاء الدين ذللنا.»
8
أما أشهر القصائد التي قالها في مدح بني أمية فأهمها ما أنشده في حضرة عبد الملك بن مروان، قال من قصيدة أمامه:
حشد على الحق عيافو الخنا أنف
Página desconocida