El Estado Islámico y la Destrucción Inminente
الدولة الإسلامية والخراب العاجل
Géneros
وهو ما يعني أننا نعاني من تخلف علني مهين مروع لم يعد بالإمكان تزيينه بمساحيق التجميل لشدة قبحه. وصلنا معه إلى مرحلة لم تعد حتى تثير شفقة الضمير العالمي التي تثيرها لديه الحيوانات حتى غير الأليفة منها حرصا على بقاء نوعها، لقد هبطنا عن ذلك الدرك مسافات. هبطنا لدرجة السطو على المنجز الإنساني بكل علمائه ومعاهده وأبحاثه والأموال المصروفة والجهود البشرية المبذولة بكل بساطة، بإعادة ترجمة اللفظ وتحميله بثقافات ومعارف زماننا غير الموجود من الأصل في مخزوننا الثقافي المتضمن في اللفظة القديمة، وهو تزوير مفضوح يبذلون فيه جهودا جمة دون أي عائد أو ناتج يعود على المواطن أو الوطن، سوى مزيد من غيابه في غياهب جهله المركب.
انظروا معي لفريق رجال الدين الذين قرروا دخول مباراة الإصلاح فاكتشفوا أن الديمقراطية ليست شيئا سوى الشورى الإسلامية، وهو ما يستدعي التساؤل الساذج: إذا كانت الديمقراطية هي الشورى؛ وكانت مبادئ الديمقراطية وقيمها ومؤسساتها معلومة لدى الصحابة، فلماذا لم يفعلوها؟! لماذا لم يقيموا مجتمعا يقوم على العقد الاجتماعي ويقنن للإنسان حقوقا ويقيم لتلك الحقوق دستورا وقانونا ومؤسسات تحميها، ويقيم هيئة أمم متحدة ومحكمة عدل دولية كناتج ضروري للديمقراطية قبل أن يكتشفها أهل الطاغوت بخمسة عشر قرنا.
لماذا لم يفعلوها وينقلوا مجتمعهم وزمنهم كله نقلة عظيمة كانت كفيلة بجعل أمة المسلمين سيدة أمم العالم حتى اليوم؟ وكنا علمنا الغرب كما سبق وعلمناه الأسطرلاب والسيمياء والخوارزميات وبقية أشيائنا العجيبة الهندية والرافدية والشامية والمصرية، ولتقدمت البشرية إلى مسافات لا تدركها المخيلة عما هي عليه اليوم. لماذا لم يفعلها الصحابة إذن؟
العجيب أن دعاة الإصلاح من مشايخنا يرون أن الإصلاح يكون بالعودة إلى ما كان سببا في حاجتنا للإصلاح؛ بالعودة لخير القرون إلى زمن وناس قتلوا بعضهم بعضا على الدنيا، ولم يعرفوا كيف يصلحون مجتمعهم ومعهم رب السماء والصحابة والمبشرون بالجنة وأمهات المؤمنين بعد ذلك ظهيرا بدلا من قتل بعضهم بعضا. لو كانت معلومة لديهم لفعلوها وتفتحت أمام الإنسانية آفاق علم عظيم مبكر، ولما لجئوا بصلاة الغيث لإنزال المطر حتى اليوم، بل لأنزلوه بالعلم قسرا وجبرا كما فعل الكافرون، ولما لجئوا لحل مشاكلهم بالصلاة والأدعية والقنوت كما هو حالنا حتى تاريخه. ولو قلنا إن الديمقراطية كانت لديهم ولم يطبقوها فسيكون ذلك ظلما عظيما لهم، وظلما عظيما لديننا لمطالبته بما ليس فيه فنضعه أمام حائط المستحيل، خاصة مع فشل التطبيق المعلوم بدون تزويق في كتبنا التراثية على مدى القرون الماضية، ومع هذا الفشل يكمن السبب هو أنهم ما كانوا يعلمون معنى التعددية والحرية والحقوق، فاختفت كل الفرق الإسلامية لأن سادة الدين وسدنته حلفاء السلطان رفضوا أي فرقة سواهم؛ لأنهم ببساطة لم يعرفوا معنى الحرية والتعدد الديمقراطي بالمرة. وهذا أيضا ظلم لعقولنا عندما يطلبون لنا تجربة أثبتت فشلها على مدار أربعة عشر قرنا فشلا تاما وكاملا وذريعا بكل ألوان الفشل وتفاصيله ومعانيه . إنه ليس ظلما لعقولنا فقط بل هو إهانة علنية لها.
وحتى عشية حضور العم بوش إلى المنطقة مباركا؛ كان الإسلاميون يصرون على الخلافة والقوة المجردة لاحتلال العالم، لكن بعد حضور خليفة العالم الحقيقي بما يملك من مؤهلات الخلافة، واحتلاله مقر الخلافة الإسلامية في بغداد، قام الإسلاميون يعيدون تنسيق ما بقي بأيديهم من أوراق لتتفق ومطاليب سيد العالم. قاموا يعلنون أنهم هم أهل الإصلاح بل هم الإصلاح نفسه، وأصبحوا يحدثونا عن الديمقراطية كحل إسلامي مؤكد؛ كما لو كان أحد قد منعهم من إقامتها، وهم رقود على أنفاسنا عبر القرون الماضية. الغريب أنهم يهتفون بطلب الحرية ويصادرون الحرية علنا. إنهم يطلبون الحرية لأنفسهم فقط دون بقية المواطنين؛ لأنهم لو كانوا أهلا للحرية لأصدروا أبسط قرارات الحرية، بالإفراج عن الكتب الممنوعة حتى الآن. إنهم أكثر ضعفا من مواجهة الكلمة، فتراهم كيف سيعيشون في مناخ الحرية؟!
مصيبة أوطاننا أن المطروح أمام المواطن على كل المستويات هو نموذج واحد أحد، هو نموذج التخلف، وليس هناك من بدائل أخرى لأنها جميعا كافرة. رجل الدين في بلادنا يدعم التخلف ولا ولن يسمح بأية حرية، وسيستميت في المقاومة لوأد الحرية؛ لأنها لو حدثت فستسمح للنماذج الأخرى بعرض نفسها في سوق المفاضلة. الحرية ستطرح على الناس ما لم يكونوا يعرفون؛ لذلك هم مهما علا صوتهم بالحديث عن الحريات، فإنهم لا يقرون أول وأبسط أسس الإصلاح؛ وهو حرية أن تقول، أن تتكلم، أليست الكتب الممنوعة هي مجرد كلمات؟ هي قول ليس أكثر؟
وعندما يقرون بضرورة الإصلاح، فهو ما يعني الاعتراف بخطأ موجود في مجتمعنا الإسلامي، وبما أنهم وحدهم كانوا المسئولين في حلفهم السلطاني عن هذا المجتمع وعن الإسلام عبر القرون الماضية، فإنهم بالتبعية يكونون هم المسئولون عما آل إليه من تخلف، ثم في نفس الوقت هم ضد طرح أي نموذج آخر في السوق؛ لأن أي آخر هو كافر زنديق عميل لأمريكا والصهيونية العالمية، إنهم بعد هذه القرون من امتصاص دم شعوبنا والتسلط عليها لا يريدون ترك الفريسة، بحجة حماية الدين ، حتى يجهزوا عليها تماما بامتصاص آخر رحيق للحياة فيها.
ضمن الخطاب الديني السياسي المخاتل، تكريسه المستمر وتسويقه لفكرة أن الاستبداد السياسي القائم الآن في البلاد الإسلامية، ومن قبله الاستعمار الغربي، ثم الآن أمريكا وإسرائيل؛ هم السبب الأساسي في تخلف المسلمين، لكن الخطاب الديني بذلك لا يقول كل الحقيقة؛ لأن الحقيقة الكاملة هي في الاستبداد الديني؛ فالاستبداد ليس شيئا حديث العهد اخترعته الحكومات الحالية بدعم من دول الكفر لإضعافنا؛ لأن الدول الإسلامية السابقة لم تكن يوما راعية لقيم الحرية والعدالة والمساواة ولا حتى في زمن الراشدين؛ نتيجة لخضوع الناس للاستبداد الديني.
في عمل بعنوان «استراتيجيات التغير: أنواع القوة وبدائل العنف» للدكتور فتحي أبو حطب، وهو كما عرف نفسه باحث بشبكة إسلام أون لاين، والمنشور بتاريخ 20 / 10 / 2005.
http://islamonline.net/arabic/mafaheemz/2005/10/article02.shtml .
Página desconocida