49

David Copperfield

ديفيد كوبرفيلد: أعدتها للأطفال أليس إف جاكسون

Géneros

حاول ديفيد أن يعترض؛ لكن ستيرفورث صمم على رأيه. وقال إنه لاحظ أن صوت ديفيد كان «أجش قليلا» وأكد أنه سوف يحتفظ له بكل قطرة من العصير.

وهكذا أغلق ستيرفورث على الزجاجتين في حقيبته هو، وكان كلما أصبح صوت ديفيد «أجش» يصب له قليلا من العصير في قنينة. كما قد يضيف عليه بعض البرتقال من أجل التغيير، أو يمزجه بالزنجبيل، أو يذيب فيه قطرة من النعناع؛ وكان ديفيد يشربه بامتنان كبير، وهو يدرك جيدا جدا اهتمام ستيرفورث به.

كان ديفيد يجيد رواية القصص جدا، لأنه هو نفسه شديد الإيمان بها. كما أنه أصغر الأولاد في حجرة النوم هذه، وربما لهذا السبب تحديدا، كانوا يقدرون هذه المهارة فيه. شيئا فشيئا عرفت المدرسة كلها مهارته تلك، وهكذا اشتهر ديفيد كثيرا.

في هذه الأثناء أزيلت اللافتة القديمة من على ظهره؛ ليس مراعاة أبدا لشعور ديفيد؛ وإنما لأن السيد كريكل وجدها تعترض طريقه عندما جاء فجأة من وراء المقعد الطويل الذي يجلس فيه ديفيد، وأراد أن يضربه ضربة بالعصا أثناء مروره؛ لهذا السبب أزيلت ذات يوم، ولم تعد إلى ظهره بعد ذلك قط.

وقد أحبه السيد ميل كذلك، وبذل أفضل ما لديه كي يتقن تعليمه غاية الإتقان. ولسوء الحظ، أخبر ديفيد - وكان لا يستطيع أن يخفي سرا عن ستيرفورث لأي سبب - بطله ذات مرة بأمر السيدة العجوز التي أخذه السيد ميل لرؤيتها في مأوى الفقراء في صباح ذاك اليوم الأول. ولم يكن يتخيل على الإطلاق كيف ستكون العواقب.

وقد مرض السيد كريكل ذات يوم، ولم يستطع المجيء إلى حجرة الدرس. وابتهج الأولاد بالخبر غاية الابتهاج، لدرجة أنه كان من الصعب جدا الحفاظ على نظامهم في ذلك الصباح. فجاء تنجاي يسير متثاقلا برجله الخشبية حتى دخل الفصل، ودون أسماء أهم من انتهكوا النظام؛ لكنهم كانوا متأكدين غاية التأكد أنهم سيعاقبون غدا لذا رغبوا في أن يستمتعوا بوقتهم اليوم.

وبعد الظهر أصبح الأولاد أسوء من ذي قبل؛ وقد تصادف أنها كانت فترة بعد الظهر من يوم السبت، وعادة ما كانت تعطى إجازة نصف يوم؛ لكن لأن السيد كريكل لم يستطع احتمال ضجيج الأولاد وهم يندفعون بسرعة في ملعب المدرسة، ولأن الجو كان مطيرا جدا ذلك اليوم بحيث يصعب المشي خارج المدرسة، أمر بإدخالهم إلى حجرة الدرس لأداء قليل من الواجبات المدرسية الخفيفة، تحت رعاية السيد ميل. حيث خرج السيد شارب ليجعد شعره المستعار.

وكان الأولاد مشاكسين جدا بحيث إن المسكين السيد ميل، وهو رجل لطيف هادئ، لقي أشد العناء في المحافظة على النظام. حيث كان الضجيج مخيفا.

أسند السيد ميل رأسه الذي يؤلمه بيده وحاول مواصلة عمله المرهق على أكمل وجه يستطيعه.

بينما أخذ الأولاد يثبون داخل مقاعدهم وخارجها، ويلعبون لعبة «الهرة التي تريد ركنا»؛ وكان بعض الأولاد يضحك، وبعضهم يغني، وبعضهم يتكلم، وبعضهم يصرخ؛ وهناك من يجرون أقدامهم على الأرض، ومن يدورون حوله، وهم يبتسمون، ويرسمون على وجوههم تعابير السخرية، ويقلدونه ساخرين من وراء ظهره وأمام عينيه؛ ويسخرون من فقره، أو حذائه، أو معطفه، أو والدته؛ كانوا يسخرون من كل شيء يخصه بينما الأجدر بهم احترامه.

Página desconocida