116

Darsat fi alsirah

دراسة في السيرة

Editorial

دار النفائس

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٢٥ هـ

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

جدكم «١» قد جاء!! فخرجنا إلى رسول الله ﷺ في ظل نخلة ومعه أبو بكر ﵁ في مثل سنه، وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله ﷺ قبل ذلك، وازدحم عليه الناس وما يعرفونه من أبي بكر، حتى زال الظل عن رسول الله ﷺ فقام أبو بكر فأظلّه بردائه فعرفناه عند ذلك» «٢» . وقال البراء «جاء النبي ﷺ إلى المدينة في الهجرة، فما رأيت أشد فرحا منهم بشيء من النبي ﷺ، حتى سمعت النساء والصبيان والإماء يقولون: هذا رسول الله قد جاء.. قد جاء» «٣» . وفي اليوم الثاني عشر من ربيع الأول (٢٤ أيلول ٦٣٢ م) من السنة الثالثة عشرة للبعثة، وصل الرسول وصاحبه يثرب حيث جرى لهما استقبال حافل من قبل أولئك الذين انتظروا رسولهم طويلا.. وها هي تكبيراتهم تشق أجواء الفضاء.. إنهم سيبدؤون معه، وبه، ومن أجله وأجل دعوته، عهدا جديدا كتب لهم شرف وضع أسسه التي سيقوم عليها البناء.. الدائرة الثانية من دوائر الدعوة، دائرة الدولة التي ستحمي المسلمين أفرادا وجماعات، وستمنح الإسلام خطوات حاسمة وسريعة في طريق النصر.. فلا عجب أن يخرج الأنصار بأسلحتهم يستقبلون الرسول، فها هم أولاء الجنود الذين سينضمون إلى إخوانهم المهاجرين، وسيبنون معا، بقوة العقيدة والسلاح، الدولة التي ستصنع حضارة تشرف الإنسان، في كل مكان، وتباركه، وتضعه موضعه الحق الذي أراده له الله عندما استخلفه ومنحه السيادة على العالمين. إن اليوم الثاني عشر من ربيع الأول هو نهاية حركة حاسمة من أجل إقامة (الدولة) لكنه في الوقت نفسه بدء حركة حاسمة أخرى من أجل تعزيز الدولة وإقامة (الحضارة) تماما كما كانت بعثة الرسول- في البدء- حركة صوب تكوين (الإنسان) صانع الدول والحضارات!!

(١) الجد: الحظ. (٢) ابن هشام ص ١٢٨- ١٢٩ الطبري: تاريخ ٢/ ٣٨١- ٣٨٢ ابن سعد ١/ ١/ ١٥٧- ١٥٨ البخاري: تجريد ٢/ ٧٤ البلاذري: أنساب ١/ ٢٦٣ خليفة بن خياط: تاريخ ١/ ١١- ١٢. (٣) ابن سعد ١/ ١/ ١٥٨.

1 / 116