El golpe de Alejandría
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
Géneros
الآن تمت، وهي في يديك سيدتي ... أربعة ملايين من الجنيهات ... وتكاد تؤدى فورا، ولم يوجد غير بيت واحد يعقدها، هو بيت روتشيلد ... لقد سلكوا مسلكا عجبا، بذلوا المال بفائدة قليلة، وباتت حصة الخديو كلها اليوم ملك يديك سيدتي ...!
وقد مر بنا في هذه العجالة أن دزرائيلي - أي اللورد بيكنسفيلد - قد اشترى الصفقة في غيبة البرلمان وبغير إذنه، وهي مجازفة نادرة في تاريخ السياسة البريطانية.
ودزرائيلي هذا هو المؤلف المشغول بالحملة على الشرق وفلسطين وسيناء، أحد أبطاله في رواية «تانكرد» أو «الحملة الصليبية» الحديثة يتلقى الوحي والبشارة في سيناء، وبطل آخر من أبطاله الصهيونيين في رواية «كوننجزبي»
Coningsby
يقول:
إن الثورة العتية التي تتأهب هذه الآونة في ألمانيا ... ولا يعرف في إنجلترا حتى الساعة إلا القليل عنها، تجري بأعين اليهود الذين كادوا أن يستأثروا بكراسي التعليم في بلاد الألمان ... فأنت ترى يا عزيزي كوننجزبي أن الدنيا يتولى حكمها أناس آخرون غير هؤلاء الذين يتخيلهم من لا ينظرون فيما يجري وراء الستار.
وقد زار دزرائيلي مصر زيارة استطلاع وجاس خلالها من الإسكندرية إلى الشلال.
أما روتشيلد فهو القائل: «لا يهمني إذا صرفت مال أمة من يضع لها قوانينها!» وبيت روتشيلد هو صاحب الدين المضمون في مصر، وهو الذي وفق بفروعه المتشعبة في إنجلترا وفرنسا وألمانيا، بين دزرائيلي وبسمارك. وأصحاب الديون من الألمان اليهود هم الذين جعلوا وزير ألمانيا يتوسط للتوفيق بين الإنجليز والفرنسيين في المسألة الشرقية، على طريقة المقايضة.
وقد تتراءى لنا أهمية العمل الذي أقدم عليه دزرائيلي بتشجيعه بيت روتشيلد على إقراض الخديو، إذا عرفنا أن حملة الاحتلال قد حدثت في عهد وزير الأحرار غلادستون، وأن غلادستون كان معارضا في الاحتلال، وقد استقال أحد وزرائه استنكارا لضرب الإسكندرية. ولكن قروض روتشيلد وغيره قد صورت المسألة بصورة الحيطة لحماية حق الدائنين، وأضيفت إليها حماية أرواح المسيحيين المهددين، فحدث على يد وزير الأحرار «القديس» ما كان خليقا أن يحدث على يد الوزير المحافظ بيكنسفيلد، أول من سمى الملكة فكتوريا بإمبراطورة الهند، وأوشك أن يجعل من ألقابها الرسمية «حامية الملة» ليصبح من حقها يوما ما أن تشرف على طريق الهند باسم المال واسم الدين.
والشائع على الألسنة أن دزرائيلي عرضت له فرصة شراء الأسهم المصرية، فأسرع إلى اغتنامها على غير تدبير سابق في هذه الصفقة ولا في غيرها من صفقات أسهم القناة، غير أن الواقع أن شراء الأسهم كلها أو معظمها أو بعضها كان من الخواطر الملازمة لتفكير دزرائيلي من قبل سنوح هذه الفرصة. وكان هذا السياسي على الدوام من وراء المضاربات المالية التي كان يراد بها استدراج حملة الأسهم إلى بيعها بالسعر البخس في أزمات العملة التي كانت تلعب بالنقد وأسهم الشركات في أيام الحروب والفتن، وقد سعى جهده عند دلسبس لبيع الأسهم الفرنسية للحكومة الإنجليزية مغريا له بالمعونة الدولية التي تضمنها شركة القناة إذا تعددت الحكومات التي تنتفع بها. وكان دلسبس يميل إلى عقد الصفقة معه ويتردد في طرق أبواب لندن بعد إغلاقها في وجهه مرات في أيام وزارة غلادستون، وبعد أن تبين له أن وزراء الإنجليز - ومنهم اللورد دربي - لا يرحبون بصفقة من هذا القبيل. ولما حصل دزرائيلي أخيرا على الأسهم المصرية لم يكتم محاولته السابقة ولا مقاصده التالية في تصريحه أمام مجلس النواب بجلسة الحادي والعشرين من شهر فبراير سنة 1876، فقال: «إنني لم أزل من زمن أوصي بالحصول على أسهم القناة، وقد عقدتها صفقة مالية وسياسية واعتبرتها صفقة لازمة لتمكين الإمبراطورية، وهذا الذي أعنيه اليوم وقد ارتاحت إليه البلاد التي تفهمني جيدا وتقبلته بالغبطة والسرور، أما الذين انتقدوني من أجل هذه الصفقة فهم كما يخيل إلي لا يفهمون المسألة على هذا الوجه.» •••
Página desconocida