Darajat Sitt
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Géneros
8-3 ) كقياس للتنوع في مجموعة الأفراد ككل. وهذا النوع من التنوع، الذي يمكن أن نطلق عليه «التنوع الجوهري»، يبدو مهما في انتشار سلاسل المعلومات؛ بطرق مدهشة في بعض الأحيان. على سبيل المثال، يؤدي وجود مجموعة متنوعة كبيرة من الحدود الشخصية في مجموعة الأفراد إلى زيادة فرص المنتجات أو الأفكار الجديدة في الانتشار بصورة كبيرة.
شكل 8-3: يعكس توزيع احتمالية الحدود بمجموعة الأفراد تنوع الخصائص الفردية.
ثمة نوع آخر من التنوع على درجة من الأهمية: إذا كان انتباه بعضنا لبعض مهما إلى هذا الحد، فلا بد أن «عدد» من ننتبه إليهم مهم أيضا. على سبيل المثال، عندما أشتري ملابس جديدة، أصطحب معي في أغلب الأحيان امرأة ما، خشية أن تتسبب احتمالية اتخاذي قرارات بشأن ملابسي دون رقابة في إصابتي بالفزع وهجر فكرة الشراء. من الأمثل لي أن أصطحب معي أكثر من امرأة واحدة، ليس فقط لأن ذلك سيحدث العجائب في مظهري، بل أيضا لأن العديد من الآراء من المحتمل أن تؤدي إلى معلومات يمكن الاعتماد عليها على نحو أكبر، لكن عادة ما يعد إقناع أكثر من واحدة من صديقاتي بالمجيء معي للتسوق أمرا صعبا جدا، ومن ثم يجب علي تحري الدقة عند اختياري لصديقتي؛ فرأيها - في ظل عدم تمتعي بذوق راق في الملابس - يكون قاطعا، وما سينتهي بي الحال مرتديا إياه يكون تحت رحمتها تماما. في مواقف أخرى، بدءا من اختيار فيلم معين، أو زيارة مطعم ما، أو شراء جهاز كمبيوتر محمول جديد، أو تعيين مرشح محدد في وظيفة ما، قد نلتمس مجموعة مختلفة من الآراء تعتمد على أهمية القرار لنا والوقت المتاح أمامنا، لكن لا تعد الآراء الكثيرة أفضل دائما، فكلما زاد عدد الآراء التي نلتمسها لاتخاذ قرار ما، تراجع مدى تأثرنا بأي منها، ومن ثم قل تأثير أي اقتراح منفرد.
يمكن اعتبار الإحصائيات الإجمالية؛ كاستطلاعات الآراء أو حصص السوق لمنتج معين، من نفس نوعية المعلومات المنقولة اجتماعيا التي نحصل عليها من أصدقائنا، لكنها تنتشر بين عدد أكبر من الأفراد. كثيرا ما تروج شركة فورد لسيارتها «إكسبلورر» تحت مسمى «السيارة الرياضية متعددة الأغراض الأكثر مبيعا في أمريكا»، لتشير ضمنا إلى أنه إذا نالت السيارة إعجاب هذا العدد الكبير من الناس، فسوف تنال إعجابك أنت أيضا. يعد سعر سهم ما مثالا آخر على هذا الأمر: فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يريدون شراء الأسهم في السوق كلها، ارتفع سعرها. ظاهريا، يبدو أن هذا النوع من المعلومات العامة ينبغي أن يكون أكثر موثوقية من طرح الأسئلة فحسب على أصدقائك؛ فهي صادرة عن عينة كبيرة من الناس.
مع ذلك، فكثيرا ما نتأثر على نحو متفاوت بالآراء أو الأفعال الصادرة عن زملاء أو مصادر أو معارف أو أصدقاء مقربين لنا. على سبيل المثال ، عند اتخاذ قرار بشأن شراء جهاز كمبيوتر محمول شخصي أو ماكنتوش، ستبدو حقيقة تفوق الكمبيوتر الشخصي على الماكنتوش من حيث المبيعات عالميا أمرا غير ذي صلة إذا كان كل من تعمل معهم يستخدمون الماكنتوش. في الواقع، أشارت إحدى حملات الدعاية الحديثة لشركة آبل إلى أنك إذا كنت محاسبا (أي «مضجر، ممل، يتحاشاه الآخرون في الحفلات»)، فستستخدم الكمبيوتر الشخصي على الأرجح، أما إذا كنت تعمل في الفن أو التصميم أو الأزياء (أي «عصري، أنيق، دائم الانشغال»)، فأنت على الأرجح تستخدم جهاز ماكنتوش. تتمثل الرسالة هنا في أن المعلومات التي يمنحها لك أصدقاؤك تكون أهم من أي معلومات عامة أخرى قد تحصل عليها؛ وذلك لأنها أكثر صلة بك أنت؛ لذا فإن طرح الأسئلة على عدد قليل للغاية من الأفراد قد يكون سيئا؛ وذلك لأنك تجعل نفسك عرضة للأخطاء، لكن طرحها على عدد كبير للغاية من الأفراد أمر سيئ أيضا؛ لأن المعلومات ذات الصلة تضيع في هذه الحالة وسط الزحام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن شبكات المعلومات الاجتماعية مهمة، ليس فقط لأنها تساعدنا في اتخاذ قرارات فردية أفضل، بل أيضا لأنها تسمح للأمور التي أدركت في أحد السياقات بالانعكاس على سياق آخر، ونظرا لأن هذا النوع من الانعكاس يعد أمرا محوريا في ديناميكيات السلاسل، فإن للشبكات الاجتماعية مكانة جوهرية في عملية تحول شيء بسيط إلى شيء مهم. عندما طرحت شركة «ثري كوم» الإصدار الأول لها من أجهزة «بالم بايلوت»، لم يشترها سوى المولعين بالتكنولوجيا، وهذه المجموعة الصغيرة من الناس - الذين انتمى أغلبهم إلى فئة المهندسين والعاملين في مجال التكنولوجيا في وادي السليكون ومنطقة خليج شمال كاليفورنيا المحيطة به - لم تكن بحاجة لتوجيه من أحد لكي يمتلكوا أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، فقد كان ما يعنيهم حقا هو الابتكار نفسه؛ فوجب عليهم امتلاكه، بصرف النظر عما إذا ابتاعه آخرون أم لا. لكن المولعين بالتكنولوجيا حقا، شأنهم شأن المولعين بأحدث صيحات الأزياء والمتابعين المخلصين لها، يندر وجودهم نسبيا، بل إنهم نادرون لدرجة تجعل من العسير عليهم إنجاح منتج جديد وحدهم ، لكنهم إذا تمكنوا من إعلاء شأن هذا المنتج في عالمهم الصغير حتى ينعكس على العوالم الصغيرة الأخرى التي يتصلون بها، فقد تعطي كل هذه العوالم الصغيرة هذا المنتج الدفعة التي يحتاجها ليدخل العالم الأكبر ويصبح سلسلة. لكن على أي صورة يجب أن يكون اتصالهم؟ (3) السلاسل في الشبكات الاجتماعية
كان ذلك هو السؤال الذي بدأت في العمل للإجابة عنه. في النهاية، كان ما أردته هو التوصل إلى السمات المحددة للشبكات الاجتماعية - مثل وجود المجموعات والمجتمعات، ونزعة الأفراد للاتصال عبرها - التي تعزز من نمو أثر مبدئي بسيط إلى حركة عالمية. إذا أراد شخص ما - على سبيل المثال - إشعال ثورة أو بدء صيحة جديدة، فكيف ينبغي عليه أن يبادر بها؟ هل توجد نقاط ضعف في الشبكات إذا استهدفت على النحو الصحيح تماما، تتحول الصدمة البسيطة إلى وباء، ويشكل كل قرار متعاقب الظروف المؤدية إلى القرار التالي؟ وإن كان الأمر كذلك، فهل يمكن استغلال هذه المعرفة لتعزيز احتمال ظهور سلسلة ما؟ أو الحيلولة دون ذلك الظهور؟ هل يمكن لهذا المنطق نفسه أن يتسع ليشمل نظما مصممة هندسيا، كشبكات الطاقة، لتقليل احتمالية حدوث عطل متسلسل، مثل العطل الذي حدث في شهر أغسطس من عام 1996؟ هل يمكن إنشاء جدران الحماية، بصورة ما، في الشبكات على النحو نفسه تقريبا الذي تقام به في المباني لاحتواء الحرائق؟
كانت هذه كلها أسئلة جيدة، لكن مع تعمقي أكثر في المشكلة، صار من الجلي أن الإجابات لن تأتي بسهولة؛ فالعدوى الاجتماعية أكثر تناقضا مع المنطق من العدوى البيولوجية؛ ذلك لأنه في نماذج الحدود، يعتمد تأثير تصرف شخص ما على الآخر اعتمادا كبيرا على المؤثرات الأخرى التي تعرض لها هذا الشخص الآخر. أما في انتشار الأمراض - كما سبق وأوضحنا - فلسنا بحاجة للقلق بشأن هذا التأثير؛ لأن كل حالة عدوى ينظر إليها على نحو مستقل عن أي حالة أخرى، لكن في العدوى الاجتماعية، يمكن أن يحدث هذا الأثر اختلافا هائلا.
يمكن لمجموعة منعزلة من الناس - طائفة دينية كالطائفة الداودية مثلا - أن تحافظ على معتقدات غير قابلة للتصديق على الإطلاق ما دام أفرادها يظلون في سياق يمكنهم في إطاره تعزيز بعضهم لبعض باستمرار، ومنع بعضهم بعضا من التفاعل مع العالم الخارجي، لكن لهذا السبب ذاته، تظل أفكارهم محصورة في المجموعة ذاتها التي ظهرت فيها. على النقيض التام من ذلك، يمكن للأفراد المشتركين في الكثير من المجموعات المختلفة على نحو متزامن أن يخبروا أنواعا أكثر من الناس بأفكارهم، والوصول أيضا إلى مجموعة أشمل من المعلومات، لكن يقل احتمال سيطرة أي رؤية عامة واحدة عليهم، وقد يضطرون أحيانا إلى إقناع الآخرين بأفكارهم بأنفسهم، دون الاستعانة بدعم الآخرين إلا فيما ندر؛ لذا فإن انتشار الأفكار، على عكس انتشار الأمراض، يتطلب الموازنة بين تماسك المجموعات والاتصال فيما بينها.
من الحقائق الغريبة التي عرفتها أثناء دراستي بجامعة كورنيل بشأن إيثاكا أن المدينة تدعم عملة بديلة، تعرف باسم «إيثاكا آورز»، وهي عملة يمكن جنيها وإنفاقها في عدد من المتاجر في وسط المدينة. ومع أن هذا النظام قد يبدو غريبا، فقد استمر ثابتا لما يزيد عن عقد من الزمان، لكنه ظل أيضا قاصرا على نطاق شديد المحلية، بل لم ينتشر ليصل إلى الأعمال التجارية المحيطة بحرم جامعة كورنيل. عندما تركت إيثاكا في عام 1997، وانتقلت في البداية إلى نيويورك (كباحث ما بعد الدكتوراه بجامعة كولومبيا)، أذكر أن بنكي سيتي بنك وتشيس مانهاتن كانا يحاولان أيضا طرح نوع ما من العملات البديلة - بطاقة نقدية إلكترونية - في الجانب الغربي العلوي من مانهاتن، ومع الترويج المكثف الذي أجراه اثنان من أكبر البنوك في البلاد، فشل هذا البديل - الأفضل افتراضيا - للنقود الورقية في الانتشار.
Página desconocida