Darajat Sitt
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
Géneros
يكمن حل هذا التناقض في أن معامل التكتل لا ينخفض بالقدر نفسه تقريبا من السرعة مقارنة بطول المسار، فبصرف النظر عما تبدو عليه الشبكة على المستوى العام - أي سواء أكانت مجزأة أم متصلة، كبيرة أم صغيرة - فمن المؤكد تقريبا أن معامل التكتل سيكون كبيرا، ومن ثم، هناك قيود شديدة على ما يمكن للأفراد استنتاجه بشأن العالم بناء على ما يمكنهم ملاحظته. ثمة حكمة شهيرة تزعم أن كل السياسة محلية، لكن الحقيقة هي أن كل «الخبرة» محلية؛ فنحن لا نعرف سوى ما نعرفه، أما بقية العالم، بطبيعة الحال، فتقع خارج نطاق إدراكنا. وفي الشبكات الاجتماعية، تقتصر المعلومات التي يمكننا الوصول إليها، ومن ثم البيانات الوحيدة التي يمكننا استخدامها لإجراء التقييمات للعالم، على تلك التي تقع في إطارنا المحلي؛ أي أصدقائنا ومعارفنا. وإذا كان معظم أصدقائنا على معرفة بعضهم ببعض - أي إذا كان الإطار الذي نوجد داخله شديد التكتل - وإذا كان إطار كل شخص آخر متكتلا على النحو نفسه، فسنميل إلى الافتراض أنه لا يمكن الربط بين كل هذه التكتلات.
لكن هذا ممكن بالفعل، ولذلك تعد ظاهرة العالم الصغير مجافية تماما للمنطق؛ فهي ظاهرة عامة، لكن لا يستطيع الأفراد استشعارها إلا محليا فقط، فأنت تعرف من تعرفه فحسب، وربما في أغلب الأحيان يعرف أصدقاؤك الأفراد أنفسهم الذين تعرفهم، لكن إذا كان واحد من أصدقائك فقط صديقا لفرد واحد، يكون بدوره صديقا لشخص لا يشبهك على الإطلاق، فهناك إذن مسار متصل، قد لا يكون بإمكانك استخدام هذا المسار، وقد لا تكون على معرفة بوجوده، وقد يكون العثور عليه صعبا، لكنه موجود بالفعل. وعندما يتعلق الأمر بانتشار الأفكار أو التأثيرات، بل الأمراض أيضا، يمكن أن يكون لهذا المسار أهمية، سواء أكنت تعلم بوجوده أم لا، وكما هو الحال في هوليوود، فالمعارف مهمون كثيرا، لكن هناك جوانب أخرى للأمر: فمن يعرفهم أصدقاؤك، ومن يعرفهم هؤلاء الأفراد بدورهم لهم أهمية أيضا. (4) بسيط قدر المستطاع
كان النموذج ألفا محاولة لفهم كيفية تكون شبكات العالم الصغير من منظور القواعد التي يتبعها الناس عند إقامة صداقات جديدة، لكن ما إن عرفنا أن ظاهرة العالم الصغير ممكنة حتى أردنا التوصل إلى ما أدى إلى تكونها بالضبط. لم يكن من الملائم أن نركن ببساطة إلى التفسير القائل إن الأثر الذي كنا نراه هو نتيجة للمتغير ألفا، ذلك أننا لم نكن نعرف في الحقيقة ماهية المتغير ألفا، ومن ثم ما يمكن أن تشير إليه أي قيمة له، ومع بساطة النموذج ألفا، فقد ظل شديد التعقيد، لذلك قررنا أننا إذا أردنا حقا فهم ما كان يحدث، فإن علينا اتباع قول أينشتاين المأثور حول جعل الأمور «بسيطة قدر المستطاع، لكن ليس أبسط من ذلك». ومن ثم، ما هو أبسط نموذج يمكن أن يعكس ظاهرة العالم الصغير؟ وما الذي يمكن أن يخبرنا به - في ضوء ما يتمتع به من بساطة - ولم يخبرنا به النموذج ألفا؟ ما شرعنا في فعله بنموذجنا الثاني - بيتا - هو الابتعاد عن أبسط صور وضع نماذج للشبكات الاجتماعية، والتعامل مع البنية والعشوائية بأكبر قدر ممكن من التجريد.
وكما تناولنا من قبل، تحدث غالبا التفاعلات في الفيزياء بين عناصر النظام داخل شبيكة منتظمة. والشبيكات المنتظمة ملائمة تماما لدراستها؛ لأن كل موقع في الشبيكة متطابق مع كل موقع آخر بها؛ فعندما تعرف موقعك، تعرف مواقع الآخرين جميعا أيضا، وهذا هو السبب وراء شيوع استخدام الأنظمة الشبكية في تخطيط الطرق بالمدن أو الحجيرات بأماكن العمل الكبيرة، فمن اليسير للغاية التنقل داخلها. الحالات الوحيدة التي تنطوي على بعض التعقيد هي تلك الواقعة على الحدود، وذلك لأن هذه المواقع يقل عدد تفاعلاتها مقارنة بنظائرها الداخلية. يسهل التغلب على مثل هذا النوع من عدم التماثل (رياضيا، ولا ينطبق ذلك على المكاتب) من خلال «طي» المساحة على نفسها بحيث تتصل الأطراف المتقابلة، ومن ثم، يصبح الخط المستقيم حلقة، والشبيكة المربعة طارة (الشكل
3-5 ). ويطلق على الحلقات والطارات «الشبيكات الدورية»؛ لأنه لم يعد بها أي حد يمكن الخروج عبره من المكان، فمن المقدر لأي نقطة تتحرك من موقع لآخر بالشبيكة أن تستمر في الحركة حول المكان؛ أي دوريا، كما تفعل بالضبط سفن الأعداء في ألعاب غزاة الفضاء القديمة.
الشبيكات الدورية إذن تبدو كفئة طبيعية تماما من الشبكات التي تجسد مفهوم التفاعلات «المنظمة»، على الجانب الآخر، فإن الشبكة العشوائية تمثل تجسيدا للتفاعلات غير المنظمة، ومع أن الشبكات العشوائية ليست على القدر نفسه تقريبا من البساطة التي تتسم بها الشبيكات، فإنه يمكن فهمها جيدا. وعلى نحو أكثر تحديدا، في حين يمكن تعيين خصائص الشبيكات الدورية بدقة، يمكن تحديد خصائص الرسوم البيانية العشوائية إحصائيا. تخيل شجرتين من الفصيلة نفسها، والحجم ذاته تقريبا، تنموان متجاورتين في التربة نفسها، من الواضح أن إحداهما لن تصير مثل الأخرى بالضبط، لكن من الجلي في الوقت نفسه أنهما متشابهتان بشكل ما. يمكن التنبؤ بالرسوم البيانية على النحو نفسه تقريبا: فبالوضع في الاعتبار أي رسمين بيانيين عشوائيين كبيرين لهما المتغيرات نفسها، لن يمكن لأي اختبار «إحصائي» التفريق بينهما.
شكل 3-5: يمكن جعل الشبيكة دورية عن طريق توصيل طرفيها المتقابلين. في الرسمين العلويين تصبح الشبيكة ذات البعد الواحد (يسار الرسم) حلقة (يمين الرسم)، وبالرسمين السفليين تصبح الشبيكة ذات البعدين (يسار الرسم) طارة (يمين الرسم).
من ثم يمكن اعتبار الشبكة «منظمة» بقدر قربها من الشبيكة، وغير منظمة بقدر قربها من الرسم البياني العشوائي. كل ما احتجنا فعله هو البحث عن طريقة لضبط كل شبيكة بين النظام التام وعدم النظام التام على نحو تتبعه عبر المراحل الوسيطة المتعددة. مع أن هذه الشبكات، التي تحمل طابعا منظما في جزء منها، وعشوائيا في جزء آخر، لا يزال من الصعب فهمها من ناحية رياضية خالصة، فهي ملائمة تماما للكمبيوتر، وقد طورنا سريعا خوارزمية بسيطة لبنائها. تخيل شبيكة منتظمة، كالموضحة بالجانب الأيسر من الشكل
3-6 ، تكون فيها كل نقطة تلاق متصلة بعدد ثابت من أقرب نقاط التلاقي المجاورة لها في الحلقة، في هذا النظام، إذا كان لديك مثلا عشرة أصدقاء، فستعرف الخمسة المجاورين لك مباشرة عن يمينك والخمسة المجاورين لك مباشرة عن يسارك. وكما هو الحال مع الحدود القصوى بالنموذج ألفا، يعد هذا النوع من الشبكات الاجتماعية غريبا تماما، كما لو كان الجميع يقفون في حلقة ممسكين بعضهم بأيدي بعض، والوسيلة الوحيدة للتواصل بينهم هي النداء على من هم في مرمى السمع. لكن يجب التذكر هنا أننا لا نحاول بناء شبكات اجتماعية، بل التفريق بين الشبكات المنظمة وغير المنظمة بطريقة بسيطة.
شكل 3-6: بناء النموذج بيتا. تمد الروابط في الشبيكة الدورية أحادية البعد عشوائيا باستخدام معامل الاحتمالية بيتا . عندما تكون قيمة بيتا صفرا (يسار الشكل)، تظل الشبيكة بلا تغيير، وعندما تكون قيمته واحدا (يمين الشكل)، تمد جميع الروابط، الأمر الذي يؤدي إلى تكوين شبكة عشوائية، وفي المنتصف تجمع الشبكات بين النظام والعشوائية (على سبيل المثال، مد الرابط الأصلي بين (أ) و(ب) إلى «ب جديد»).
Página desconocida