دعا ابن عامر إلى ذلك أن مصحف أهل الشام فيه ياء مثبتة في (شركائهم)، فقدر لذلك أن الشركاء هم المضلون لهم الداعون إلى قتل أولادهم، فأضاف القتل إليهم كما يضاف المصدر إلى فاعله، ونصب (أولادهم) لأنهم المفعولون. ولو أضاف المصدر إلى المفعولين، فقال: (قتل أولادهم)، للزمه أن يرفع الشركاء، فيكون مخالفًا للمصحف. فكأن اتباع المصحف أثر عنده.
وهذا عندي تحامل عليه. ولا ينكر مجيء الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير ظرف ولا مجرور في الكلام، وإن لم (ينقس) ذلك. فقد حكى أبو عبيدة عن أبي سعيد، وهو أعرابي لقيه أبو الدقيش، أنه سمعه يقول: (إن الشاة تسمع صوت - قد علم الله - ربها، فتقبل إليه وتثغو)، يريد: صوت ربها قد علم الله، فقدم الجملة وفصل بها بين المضاف والمضاف إليه. وقراءة ابن عامر أسهل من هذا.
ومثل ذلك قوله:
وكم - قد فاتني - بطلٍ كميٍ ... وياسر فتية سمح هضوم
يريد: وكم بطل كمي قد فاتني، فقدم الجملة وفصل بها بين (كم) وما أضيف إليه. وقد فصلوا، أيضًا، بينهما في الشعر بمجرور واسم غير ظرف.