162

Daqa'iq Uli al-Nuha li Sharh al-Muntaha

دقائق أولي النهى لشرح المنتهى

Editorial

عالم الكتب

Edición

الأولى

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

بيروت

[بَابُ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ]
بَابُ النِّيَّةِ لُغَةً: الْقَصْدُ، يُقَالُ: نَوَاك اللَّهُ بِخَيْرٍ، أَيْ قَصْدَكَ بِهِ، وَمَحَلُّهَا: الْقَلْبُ، فَتُجْزِئُ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ. وَلَا يَضُرُّ سَبْقُ لِسَانِهِ بِغَيْرِ قَصْدِهِ وَتَلَفُّظُهُ بِمَا نَوَاهُ تَأْكِيدٌ وَشَرْعًا (الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِ الشَّيْءِ) مِنْ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا (يُزَادُ) فِي حَدِّ النِّيَّةِ (فِي عِبَادَةٍ: تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى) بِأَنْ لَا يُشْرِكَ فِي الْعِبَادَةِ بِاَللَّهِ غَيْرَهُ.
فَلَوْ أُلْجِئَ إلَيْهَا (بِيَمِينٍ) أَوْ غَيْرِهِ فَفَعَلَ، وَلَمْ يَنْوِ قُرْبَةً لَمْ تَصِحَّ (وَهِيَ) أَيْ النِّيَّةُ (شَرْطٌ) لِلصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] وَالْإِخْلَاصُ: عَمَلُ الْقَلْبِ وَهُوَ مَحْضُ النِّيَّةِ وَلِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَا تَسْقُطُ بِحَالٍ) ; لِأَنَّ مَحَلَّهَا الْقَلْبُ، فَلَا يَتَأَتَّى الْعَجْزُ عَنْهَا (وَلَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَصْدُ تَعْلِيمِهَا) لِفِعْلِهِ ﷺ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَغَيْرِهِ (أَوْ) قَصْدُ (خَلَاصٍ مِنْ خَصْمٍ، أَوْ إدْمَانِ سَهَرٍ) بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالنِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَا يُنْقِصُ الْأَجْرَ.
وَمِثْلُهُ: قَصْدُهُ مَعَ نِيَّةِ الصَّوْمِ هَضْمَ الطَّعَامِ أَوْ قَصْدُهُ مَعَ نِيَّةِ الْحَجِّ رُؤْيَةَ الْبِلَادِ النَّائِيَةِ وَنَحْوَهُ ; لِأَنَّهُ قَصَدَ مَا يَلْزَمُ ضَرُورَةً. كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوْ النَّظَافَةِ مَعَ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُمْتَرِجِ بِثَوْبٍ مِنْ الرِّيَاءِ وَحَظِّ النَّفْسِ: إنْ تَسَاوَى الْبَاعِثَانِ فَلَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا أُثِيبَ، وَأَثِمَ بِقَدْرِهِ.
وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَوْبَ الرِّيَاءِ يُبْطِلُ (وَالْأَفْضَلُ: أَنْ تُقَارِنَ) النِّيَّةُ (التَّكْبِيرَ) لِلْإِحْرَامِ لِتُقَارِنَ الْعِبَادَةَ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فَإِنْ تَقَدَّمَتْهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ النِّيَّةُ بِزَمَنٍ (يَسِيرٍ، لَا) إنْ كَانَ التَّقَدُّمُ (قَبْلَ) دُخُولِ (وَقْتِ أَدَاءِ) مَكْتُوبَةٍ (وَرَاتِبَةٍ وَلَمْ يَرْتَدَّ) مَنْ قَدَّمَ النِّيَّةَ عَلَى التَّكْبِيرِ (وَلَمْ يَفْسَخْهَا) أَيْ النِّيَّةَ قَبْلَهُ (صَحَّتْ) الصَّلَاةُ ; لِأَنَّ تَقَدُّمَ نِيَّةِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَنْوِيًّا، كَالصَّوْمِ وَكَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ ; وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ الْمُقَارَنَةِ حَرَجًا وَمَشَقَّةً
فَوَجَبَ سُقُوطُهُ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨] فَإِنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ الْوَقْتَ لَمْ تُعْتَبَرْ، لِلِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهَا رُكْنًا. وَهُوَ لَا يَتَقَدَّمُ الْوَقْتَ كَبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ. وَكَذَا إنْ ارْتَدَّ أَوْ فَسَخَهَا لِبُطْلَانِهَا بِذَلِكَ (وَيَجِبُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا) أَيْ النِّيَّةِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ، بِأَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا دُونَ ذِكْرِهَا، فَلَوْ ذَهَلَ عَنْهَا

1 / 175