La conciencia: una introducción muy breve
الضمير: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
لكن العقود الأولى من القرن السادس عشر كانت الفترة التي برزت فيها رؤية فردية جديدة للضمير في إنجلترا، وربما نجد الخطوة الأولى في هذا التحول في سلوك خصمين متكافئين على نحو غريب.
هنري الثامن والمستشار مور
يعد القول بظهور رؤية جديدة تماما للضمير في القرن السادس عشر تقليلا من شأن الدقة والتنوع اللذين اتسم بهما التفكير فيما يزيد عن ألف عام سابق، وبخسا لقدر التباين الذي تحدث به تلك التغيرات. ومع ذلك فقد صعدت تيارات جديدة بارزة في القرن السادس عشر، وبدأ الكثير من الناس، مدفوعين بعلم اللاهوت البروتستانتي الذي يؤكد على التواصل المباشر مع الله وأهمية الإلهام الشخصي، يرون الضمير ملاذا للرأي الفردي، بل حتى الرأي الشاذ، أكثر مما هو مسألة تتعلق بالإجماع الكنائسي الجدير بالثقة. وتماشيا مع هذا الطابع الشخصي الجديد، فقد قل اعتبار الضمير مجموعة من المفاهيم الكنسية الوافدة من «الخارج للداخل»، وازداد اعتباره مجموعة من المعتقدات الراسخة التي تتحدث من «الداخل للخارج». وبدلا من اعتباره نصيرا للوحدة وتوحيد الآراء، فقد أصبح الضمير سلطة ربما تثير الشقاق وحافزا داخليا عميقا ملحا قد يضع المرء في صراع مع المؤسسات وأنماط المعتقدات المعترف بها، وهو ما قد يدفع بصاحب الضمير إلى مواقف شديدة الخطورة والمجازفة، لكنه على الرغم من ذلك يجب أن يتبع خشية أن يغامر المرء باستقامة روحه وخلاصها النهائي.
تتضح الخطوط العريضة لما يطلق عليه «الضمير الإصلاحي» في القارة الأوروبية في مطلع العشرينيات من القرن السادس عشر وفي إنجلترا بعيد ذلك. وتعد التيارات البروتستانتية التي بلغت ذروتها في تلك الحركات المعروفة باسم «حركات الإصلاح» أكثر تعقيدا من أن توصف وصفا بسيطا، لكن بعض خصائصها بالإضافة إلى بعض عناصر رد الفعل الكاثوليكي يمكن ملاحظتها في التصادم الشهير الذي وقع بين هنري الثامن والسير توماس مور (الذي عرف لاحقا بالقديس توماس). لطالما اعتبر مور خصم هنري النصير الأول للضمير؛ إذ رفض من حيث المبدأ قبول تأدية «قسم السيادة» للملك هنري ورفض قطع العلاقات مع كنيسة روما، لكن هنري ذاته كان النصير الدائم على نحو مدهش لصورة جديدة أكثر تطرفا من الضمير الشخصي.
شكل 1-1: الملك هنري الثامن: رجل حي الضمير؟ بورتريه لهانز هولباين الأصغر، عام 1537 تقريبا.
1
في ربيع وصيف عام 1527، بدأ هنري علاقته الغرامية بآن بولين وعقد النية على الحصول على الطلاق من الملكة كاثرين التي كان قد تزوجها منذ زمن طويل. وكانت «دوافعه» أن يتبع منهج الشرعية القانونية المستند إلى الكتاب المقدس، حيث اعتمد على عدم شرعية زواجه بكاثرين أرملة شقيقه، لكن «حجته» تضمنت عذابات حيرة الضمير، وهو ضمير ليس مستندا إلى موافقة بابوية أو سلطة كنسية أو آراء العامة ككل.
لا شك أن المناقشات السابقة حول الضمير قد بدأت في جلسات مغلقة، لكن طبقا للسجلات المكتوبة فإنه في ديسمبر من عام 1527 أوضح وولسي لأحد رسل الملك قائلا:
إن الملك باجتهاده في الدراسة والعلم من ناحية، وتشاوره مع علماء اللاهوت من ناحية أخرى، وجد أن ضميره مثقل إلى حد ما بزواجه الحالي، وسعيا إلى طمأنينة روحه ثم إلى تأمين خلافته ... اعتبر إصراره على هذا الزواج إهانة لله وللإنسان، وهو يشعر بتأنيب ضمير شديد؛ ذلك لأنه يحيا منذ زمن طويل مرتكبا إساءة بحق الذات الإلهية.
لم ينحرف هنري عن هذا العذر، فعندما اقترب هذا الأمر من نهايته يقول تشابويس، مبعوث الإمبراطور، في خطاب أرسله بتاريخ السادس عشر من أبريل عام 1533 يصف فيه مقابلة اتضح من خلالها أن هنري شديد العناد، وأذاع فيها أنه قد تزوج آن بولين سرا، وقال تشابويس إنه توسل إلى هنري أن يوقر الله على الأقل حتى إذا كان لا يوقر غيره من الرجال قائلا: «لقد أخبرني بأنه فعل ذلك، وأن الله وضميره على علاقة طيبة.»
Página desconocida