كيف يصعب أحيانا التمييز بين الحلم واليقظة
وكان الكونت دي باسي بعد أن أقفل الباب في وجه أخصامه، وقبل أن يقع مغميا عليه، قد تمكن من ربط جرحه البالغ بمنديل.
ولكن هذه العصابة لم تكن كافية لمنع انصباب الدماء وسيلها من جرحه بغزارة، فقضت عليه بهذا الإغماء.
فحدث له بسبب ما نزف من دمائه ضعف في المخيلة أو حمى في الرأس.
ونحن نقص على القراء ما رآه هذا الكونت، أو ما خيل له أنه رآه في الحلم أو في اليقظة بعد ذلك الإغماء كما رواه عن نفسه، فنقول:
أول ما فتح عينيه وجد نفسه في غرفة جميلة الأثاث، مفروشة بالبسط وجدرانها مزدانة بالصور المتقنة الصنع.
ثم رأى، أو خيل له أنه رأى أشباحا أو تماثيل تحمل بأيديها ضمات الزهور والرياحين وهي تخترق الجدران، وتسير منها إليه.
ثم رأى نافذتين مزدانتين بالستائر الجميلة، ورأى بينهما صورة فتاة يتلألأ وجهها بأشعة من نور، وعيناها تنظران إليه بإشفاق وحنان ...
ووجد نفسه ملقى على فراش ناعم ذي أعمدة ذهبية، غير أنه لم يكن يستطيع حراكا كأن يدا قوية قد ضغطت عليه، أو كأنه مشدود إلى ذلك السرير بحبال متينة.
فلم يكن يستطيع أن يحرك عضوا من أعضائه، ما خلا عينيه اللتين كان ينظر بهما محدقا إلى تلك الصورة الجميلة، وشفتيه اللتين كان يبسم بهما لها، وهو معجب منذهل مما يراه من جمالها الفتان.
Página desconocida