جاء الصباح وفرق شمل أولئك الأشراف الأغنياء بعد أن أضناهم السهر، وسرقت عاقلتهم الخمرة، وأتعبهم الرقص، وأذبلهم القصف، وذهب كل إلى فراشه الناعم.
2
بعد أن غابت الشمس وقف رجل يرتدي أثواب الشغل أمام باب كوخ حقير ، وقرع ففتح له ودخل وحيى مبتسما، ثم جلس بين صبية يصطلون بقرب النار، وبعد ردهة هيأت زوجته العشاء فجلسوا جميعا حول مائدة خشبية يلتهمون الطعام، ثم قاموا وجلسوا بقرب مسرجة ترسل سهام أشعتها الصفراء الضعيفة إلى كبد الظلمة.
وبعد مرور الهزيع الأول من الليل قاموا بسكينة كلية، واستسلموا لملك الرقاد.
جاء الفجر فهب ذلك الفقير من نومه وأكل مع صغاره وزوجته قليلا من الخبز والحليب، ثم قبلهم وحمل على كتفه معولا ضخما وذهب إلى الحقل ليسقيه من عرق جبينه ويستثمر ويطعم قواه أولئك الأغنياء الأقوياء الذين صرفوا ليلة أمس بالقصف والخلاعة.
طلعت الشمس من وراء الجبل، وثقلت وطأة الحر على رأس ذلك الحارث، وأولئك الأغنياء ما برحوا خاضعين لسنة الكرى الثقيل في صروحهم الشاهقة.
هذه مأساة الإنسان المستتبة على مرسح الدهر، وقد كثر المتفرجون المستحسنون وقل من تأمل وعقل.
طفلان
وقف الأمير على شرفة القصر ونادى الجموع المزدحمة في تلك الحديقة، وقال: «أبشركم وأهنئ البلاد، فالأميرة قد وضعت غلاما يحيي شرف عائلتي المجيدة، ويكون لكم فخرا وملاذا ووريثا لما أبقته أجدادي العظام،، افرحوا وتهللوا فمستقبلكم صار مناطا بسليل المعالي».
فصاحت تلك الجموع وملأت الفضاء بأهازيج الفرح، متأهلة بمن سوف يربى على مهد الترف، ويشب على منصة الإعزاز، ويصير بعد ذلك حاكما مطلقا برقاب العباد، ضابطا بقوته أعنة الضعفاء، حريا باستخدام أجسادهم وإتلاف أرواحهم، من أجل ذلك كانوا يفرحون ويغنون الأناشيد ويعاقرون كاسات السرور.
Página desconocida