Sangre y Justicia: La historia del médico parisino que marcó la historia de las transfusiones de sangre en el siglo XVII
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
Géneros
لكن ماذا لو فشلت التجربة؟ إذ إن نقل الدم من حيوان إلى إنسان في ذلك الوقت كان فكرة شاذة من الأساس، وقد يرى كثيرون كذلك أنها غير أخلاقية من ناحية المخاطرة بالمريض، واستخدام الحيوان المتبرع بالدم، الذي ربما ينزف حتى الموت خلال تلك العملية. لكن لمعرفة أسباب هذا الخوف لدى دوني في ذلك الوقت، فإننا نحتاج لمعرفة مدى إجلاله لمكانة الدم.
لم يكن دوني - شأنه شأن أغلب من كانوا في منزل مونتمور - واحدا من الدجالين الجهلة أو المشعوذين الذين كانوا يعملون في الشوارع الخلفية القذرة في مدن أوروبا وقراها في القرن السابع عشر. فقد علمته معرفته باللاهوت وحكمة العالم الإغريقي الروماني السحرية أن الدم كان يلعب دورا أساسيا بوصفه وسيطا بين البشر والآلهة؛ فقد كان رمزا تذوب فيه كل معاني الروحانية والخرافة والتعاليم المقدسة والتقاليد الشعبية. لم يكن أحد ليستخف بالدم.
مع ذلك، لم يكن الدم مجرد رمز، بل كان هو الحياة ذاتها. فقد كان أي طبيب يتعامل مع دم إنسان يملك في يده جوهر حياته. جاء هذا الاستنتاج من ملاحظة واحدة بسيطة؛ اقطع عنق أي حيوان - أو إنسان في تلك الحالة - وراقب ما سيحدث له. فمع اندفاع الدم للخارج تخور قوى الإنسان؛ إذ تنفد منه حيويته وروحه. وما إن تنفد دماؤه تماما، فلن تتبقى أي حياة في جسده. فمن الواضح أن الحياة تخرج من الجسم مع الدم؛ لذا كان الدم يحمل في جزيئاته الحياة.
مثل هذا المنطق جوهر عديد من أول الوقائع المؤرخة التي تعلقت بالدم أو تحدثت عنه منذ القدم. وقد وردت إحدى تلك الوقائع في كتابات تنسب للشاعر الملحمي الإغريقي هوميروس الذي تسرد ملحمته المؤلفة في القرن الثامن قبل الميلاد - الأوديسة - مآسي حرب طروادة. ففي إحدى مراحل الكتاب يجد أوديسيوس - بطل ملحمة هوميروس - نفسه في مأزق، فيستحضر روح الكاهنة تريسياس - عملا بنصيحة أسدتها له ساحرة. ويأمل أوديسيوس أن تتمكن تلك الكاهنة المتنبئة من حل مشكلاته. ففي خطوة جريئة، يدخل أوديسيوس إلى عالم هيدز ويعرض تقديم اللبن والعسل والنبيذ ودم أضحية - هي الحمل. ويكون الدم هو مفتاح النجاح، وبينما تشرب أرواح الموتى هذا الدم الأسود الحار يسترجعون ذكرياتهم عن الحياة على الأرض ويستعيدون أنفاسهم الحية للحظة قصيرة. فقد أعاد الدم الحياة لتريسياس على الأقل مؤقتا.
بينما تميز القرنان السادس عشر والسابع عشر بمرحلة جديدة في الفكر البشري أرادت التشكيك في المفاهيم الأسطورية، لم يزل معظم فلاسفة هذين القرنين يؤمنون بجدية بالتعاليم الإنجيلية. وقد امتلأت النصوص الإنجيلية بتحذيرات من الاستهانة بالدم؛ فيما يحتوي سفر اللاويين على تحريم مشدد لشرب الدماء «لأن حياة كل كائن تكمن في دمه.» وفي رواية سفر التكوين لمقتل هابيل، يواجه الرب أخاه قابيل قائلا: «إن دم أخيك صارخ إلي من الأرض.» لذا عززت دراسة دوني للاهوت إدراكه لضرورة الحذر.
هل كان دوني يفكر جديا في سكب دم حيوان في جسم إنسان؟ نعم لقد كان يفكر في ذلك مقتنعا أن هذا القربان ربما يتيح الشفاء والتعافي. نظر دوني إلى موروا. وفحص جلده بحثا عن أي علامات لمرض عضوي يمكن أن يجعل من العملية إجراء خطيرا. وانحنى زميله إميري ليشارك في عملية الفحص. لم ينتم أي منهما إلى المدرسة القديمة التي كان أطباؤها يجرون التشخيص عن بعد، بل أراد كلاهما أن يبنيا قراراتهما على أدلة دامغة. وتقدم الحضور أنفسهم باحثين عن أي علامات قد تمكنهم من تشخيص حالة موروا ووضع استراتيجية لعلاجه. وأفصح كثيرون منهم عن استنتاجاتهم بتبجح سافر. وربما يقول المتشائمون إنه من السهل أن تثق بفاعلية علاجك عندما لا توجد أي طريقة لاختباره!
كانت نتيجة الفحص الأولي سارة؛ فقد بدا موروا معافى بدنيا، ولم يكن هناك أي علامة ظاهرة على العلة أو المرض. وبدا أن روحه فقط هي التي كانت تعاني خللا. ومن المؤكد أن خير علاج هو معالجة مكمن الروح، أي معالجة دمه. فعلى كل حال، كان الدم هو الشيء الذي تسكنه شخصية الفرد؛ فقد كان الدم يحوي السبب الذي يحدد شخصيتك. فإن أصيبت شخصيتك بالاضطراب، فليس أفضل من التخلص من بعض الدم وإحلال روح السكينة والنظام محله.
بدت الاحتمالات واقعية جدا، لكن كذلك كانت المخاطر. مرة أخرى كانت المخاطرة كبيرة؛ فهل من المقبول أخلاقيا استخدام علاج يغير طبيعة الشخص؟ إذا كانت شخصية الإنسان وسماته قد وهبه إياها خالقه، فهل لدى أي طبيب سلطة أخلاقية للتدخل وتغيير تلك السمات؟ لقد كان هذا السؤال يطرح كثيرا منذ بدء تطبيق العلم نظرياته على الكائنات الحية، خاصة إذا كان البشر هم هذه الكائنات. بعبارة أكثر تحديدا، هل كانت التجربة المقترحة «تدخلا في خلق الله»؟
على الأرجح، كان ذلك الجدل يشبه الجدل الحالي حول المعالجة الجينية للنباتات والحيوانات، وكذلك المواجهات المحتدمة التي صاحبت مناقشات إمكانية استنساخ البشر. ففي كل هذه المواقف، يوجد ذلك التخوف من احتمال أن البشرية توظف العلم للسيطرة على جوانب تتجاوز صلاحياتها. وساد بين مجتمع القرن السابع عشر الذي يخشى الرب قلق مطرد من أن ثمة احتمالية لإرضاخ بعض القواعد القدرية أو كسرها. فمن غير الرب له سلطة تحديد شخصية الفرد؟!
ولم يكن ما سبق ليمر كمسألة ثانوية، بل كان معضلة خطيرة. أليس الرب هو من خلق كل شخص على حاله؟ إذا نجحت نظرية نقل الدم هذه، أفلن تغير طبيعة الشخص؟ ألن تغير الشخص الذي خلقه الله؟ أليس هذا خارجا عن النطاق المسموح العمل به من قبل أي طبيب يتمتع بالأخلاق؟ كان دوني سينتبه جيدا للمنتقدين الذين كانوا يسنون خناجرهم بالفعل. كان الاحتمال الوارد أنه في موقف لن يخرج منه فائزا. فإذا فشل العلاج، فمن الممكن أن يواجه اتهامات بالإهمال الخطير المهدد لحياة إنسان. وإن نجح فسيتهم بالاستيلاء على سلطة الرب. فقد أكلت حواء التفاحة في الجنة وهي على علم بالخير والشر. والآن رأى كثير ممن كانوا في تلك الحجرة كل الإشارات الدالة على أن الشر على وشك أن تكون له اليد العليا.
Página desconocida