Dalail al-Nubuwwa
دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني
Investigador
الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس
Editorial
دار النفائس
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Biografía del Profeta
الفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي ذِكْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ فَضْلِهِ ﷺ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ بِعْثَتَهُ لِلْعَالَمِينَ رَحْمَةً، فَقَالَ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]، فَأَمَّنَ أَعْدَاءَهُ مِنَ الْعَذَابِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ﵇، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ [الأنفال: ٣٣]، فَلَمْ يُعَذِّبْهُمْ مَعَ اسْتِعْجَالِهِمْ إِيَّاهُ تَحْقِيقًا لِمَا نَعَتَهُ بِهِ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُمْ إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِمْ مَا عَذَّبَهُمْ بِهِ مِنْ قَتْلٍ وَأَسْرٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ﴾ [الزخرف: ٤١]
١ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَهُدًى لِلْمُتَّقِينَ»
٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ⦗٤٠⦘، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: " إِنَّمَا بُعِثْتُ نِعْمَةً، وَلَمْ أُبْعَثْ عَذَابًا وَمِنْ فَضَائِلِهِ: إِخْبَارُ اللَّهِ ﷿ عَنْ إِجْلَالِ قَدْرِ نَبِيِّهِ ﷺ، وَتَبْجِيلِهِ، وَتَعْظِيمِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا خَاطَبَهُ فِي كِتَابِهِ، وَلَا أَخْبَرَ عَنْهُ إِلَّا بِالْكِنَايَةِ الَّتِي هِيَ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ الَّتِي لَا أَجَلَّ مِنْهَا فَخْرًا، وَلَا أَعْظَمَ خَطَرًا، وَخَاطَبَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَقَوْمِهِمْ، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ بِالْكِنَايَةِ الَّتِي هِيَ غَايَةُ الْمَرْتَبَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ ﷺ فِي جُمْلَتِهِمْ بِمُشَارَكَتِهِ مَعَهُمْ فِي الْخِطَابِ وَالْخَبَرِ، فَأَمَّا فِي حَالِ الِانْفِرَادِ، فَمَا ذَكَرَهُمْ إِلَّا بِأَسْمَائِهِمْ، وَالْكِنَايَةُ عَنِ الِاسْمِ غَايَةُ التَّعْظِيمِ لِلْمُخَاطَبِ الْمُجَلَّلِ، وَالْمَدْعُوِّ الْعَظِيمِ؛ لِأَنَّ مَنْ بَلَغَ بِهِ غَايَةَ التَّعْظِيمِ كُنِّيَ عَنِ اسْمِهِ، إِنْ كَانَ مَلِكًا قِيلَ لَهُ: يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَإِنْ كَانَ أَمِيرًا قِيلَ لَهُ: يَا أَيُّهَا الْأَمِيرُ، وَإِنْ كَانَ خَلِيفَةً قِيلَ: يَا أَيُّهَا الْخَلِيفَةُ، وَإِنْ كَانَ دَيَّانًا قِيلَ: يَا أَيُّهَا الْحَبْرُ، أَيُّهَا الْقِسُّ، أَيُّهَا الْعَالِمُ، أَيُّهَا الْفَقِيهُ، فَفَضَّلَ اللَّهُ ﷿ نَبِيَّهُ ﷺ، وَبَلَغَ بِهِ غَايَةَ الرُّتْبَةِ، وَأَعَالِيَ الرِّفْعَةِ، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٥]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ﴾ [الأنفال: ٦٤]، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ [المائدة: ٤١]، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧] فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ⦗٤١⦘، وَخَاطَبَ آدَمَ وَمَنْ دُونَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ بِأَسْمَائِهِمْ، وَكَذَلِكَ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ، فَقَالَ: ﴿يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٣٥]، ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه: ١٢١] فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ، وَ﴿يَا نُوحُ اهْبِطْ﴾ [هود: ٤٨]، ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ﴾ [هود: ٤٢]، وَ﴿يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ [هود: ٧٦]، وَ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ [البقرة: ١٢٧]، وَ﴿يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤]، وَقَالَ: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ [القصص: ١٥]، وَ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ [المائدة: ١١٠]، وَ﴿إِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الصف: ٦]، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ﴿يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ﴾ [هود: ٥٣]، وَ﴿يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا﴾ [الأعراف: ٧٧]، وَ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ﴾، ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ﴾ [ص: ٣٤]، وَ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ﴾ [مريم: ٧]، وَ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ﴾ [مريم: ١٢]، كُلُّ أُولَئِكَ خُوطِبُوا بِأَسْمَائِهِمْ؛ فَكُلُّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ مُحَمَّدًا ﵇ بِاسْمِهِ أَضَافَ إِلَيْهِ ذِكْرَ الرِّسَالَةِ، فَقَالَ: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران: ١٤٤]، وَقَالَ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ [الفتح: ٢٩]، وَقَالَ: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ، وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٤٠]، وَقَالَ: ﴿وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [محمد: ٢]، فَسَمَّاهُ لِيَعْلَمَ مَنْ جَحْدَهُ أَنَّ أَمْرَهُ وَكِتَابَهُ هُوَ الْحَقُّ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ إِلَّا بِمُحَمَّدٍ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّهِ لَمْ يُعْلَمِ اسْمُهُ مِنَ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ لَوْ لَمْ يُسَمُّوا فِي الْكِتَابِ مَا عُرِفَتْ أَسَامِيهُمْ كَتَسْمِيَةِ اللَّهِ لَهُ مُحَمَّدًا، وَذَلِكَ كُلُّهُ زِيَادَةٌ فِي جَلَالَتِهِ، وَنَبَالَتِهِ، وَنَبَاهَتِهِ، وَشَرَفِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَهُ مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمٍ لِلَّهِ كَمَا مَدَحَهُ عَمُّهُ فَقَالَ:
[البحر الطويل]
وَشَقَّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ
ثُمَّ جَمَعَ فِي الذِّكْرِ بَيْنَ اسْمِ خَلِيلِهِ وَنَبِيِّهِ، فَسَمَّى خَلِيلَهُ بِاسْمِهِ ⦗٤٢⦘ وَكَنَّى حَبِيبَهُ بِالنُّبُوَّةِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ﴾ [آل عمران: ٦٨]، فَكَنَّاهُ إِجْلَالًا، وَرَفَعَهُ لِفَضْلِ مَرْتَبَتِهِ، وَنَبَاهَتِهِ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَهُ فِي الْبَعْثِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا﴾، وَقَالَ: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾ [الأحزاب: ٧]
1 / 39