95

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Editorial

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Ubicación del editor

توزيع

Géneros

تَعَالَى: وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ - إِلَى قَوْلِهِ - إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [٣١ \ ٣٣]، وَقَوْلِهِ: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ [٥٢ \ ٧]، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَعِيدَ الَّذِي يَجُوزُ إِخْلَافُهُ وَعِيدُ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [٤ \ ٤٨] .
فَإِذَا تَبَيَّنَ بِهَذِهِ النُّصُوصِ بُطْلَانُ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ تَعَيَّنَ الْقِسْمُ الْخَامِسُ الَّذِي هُوَ خُلُودُهُمْ فِيهَا أَبَدًا بِلَا انْقِطَاعٍ وَلَا تَخْفِيفٍ بِالتَّقْسِيمِ وَالسَّبْرِ الصَّحِيحِ.
وَلَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ خُبْثُهُمُ الطَّبِيعِيُّ دَائِمٌ لَا يَزُولُ، فَكَانَ جَزَاؤُهُمْ دَائِمًا لَا يَزُولُ
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ خُبْثَهُمْ لَا يَزُولُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ الْآيَةَ [٨ \ ٢٣] .
فَقَوْلُهُ: خَيْرًا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَهِيَ تَعُمُّ، فَلَوْ كَانَ فِيهِمْ خَيْرٌ مَا فِي وَقْتٍ مَا لَعَلِمَهُ اللَّهُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ [٦ ٢٨]، وُعَوْدُهُمْ بَعْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ، لَا يُسْتَغْرَبُ بَعْدَهُ عَوْدُهُمْ بَعْدَ مُبَاشَرَةِ الْعَذَابِ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْعَذَابِ عِيَانًا كَالْوُقُوعِ فِيهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [٥٠ \ ٢٢]، وَقَالَ: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا الْآيَةَ [١٩ ٣٨] .
وَعَذَابُ الْكُفَّارِ لِلْإِهَانَةِ وَالِانْتِقَامِ لَا لِلتَّطْهِيرِ وَالتَّمْحِيصِ، كَمَا أَشَارَ لَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ [٢ \ ١٧٤]، وَبِقَوْلِهِ: وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [٣ \ ١٧٨]، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ الْآيَةَ.
هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي قَالُوهُ بِالنَّظَرِ إِلَى ذَاتِهِ كَلَامُ صِدْقٍ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَلَمْ يُحَرِّمُوا شَيْئًا مِمَّا لَمْ يُحَرِّمْهُ كَالْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا [٦ \ ١٠٧] وَقَالَ: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا [٣٢ \ ١٣]، وَقَالَ: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى [٦ \ ٣٥]، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي قَالَهُ الْكُفَّارُ حَقًّا فَمَا وَجْهُ تَكْذِيبِهِ تَعَالَى

1 / 97