57

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Editorial

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Ubicación del editor

توزيع

Géneros

لَهُمْ شَهَادَةً إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا فَاقْبَلُوا شَهَادَتَهُمْ، بَلْ يَقُولُ: لَا تَقْبَلُوهَا لَهُمْ مُطْلَقًا لِاخْتِصَاصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْأَخِيرَةِ عِنْدَهُ.
وَلَمْ يُخَالِفْ أَبُو حَنِيفَةَ أَصْلَهُ فِي قَوْلِهِ بِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا [٢٥ \ ٧٠]، لِجَمِيعِ الْجُمَلِ قَبْلَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ [٢٥ \ ٦٨]، لِأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْجُمَلِ مَعْنَاهَا فِي الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [٢٥ \ ٦٨]، لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِهِ: «ذَلِكَ» شَامِلَةٌ لِكُلٍّ مِنَ الشِّرْكِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَى، فَبِرُجُوعِهِ لِلْأَخِيرَةِ رَجَعَ لِلْكُلِّ، فَظَهَرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يُخَالِفْ فِيهَا أَصْلَهُ.
وَلِأَجْلِ هَذَا الْأَصْلِ الْمُقَرَّرِ فِي الْأُصُولِ لَوْ قَالَ رَجُلٌ: هَذِهِ الدَّارُ حَبْسٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَبَنِي زُهْرَةَ وَبَنِي تَمِيمٍ إِلَّا الْفَاسِقَ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ فَاسِقُ الْكُلِّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ يَخْرُجُ فَاسِقُ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ.
وَعَلَى هَذَا، فَاحْتِجَاجُ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ جَارٍ عَلَى أُصُولِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: التَّحْقِيقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ مَا حَقَّقَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ الْحَاجِبِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْغَزَالِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْآمِدِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي بَعْدَ مُتَعَاطِفَاتٍ هُوَ الْوَقْفُ، وَأَنْ لَا يُحْكَمَ بِرُجُوعِهِ إِلَى الْجَمِيعِ وَلَا إِلَى الْأَخِيرَةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ الْآيَةَ [٤ \ ٥٩] .
وَإِذَا رَدَدْنَا هَذَا النِّزَاعَ إِلَى اللَّهِ وَجَدْنَا الْقُرْآنَ دَالًّا عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ، الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ هُوَ التَّحْقِيقُ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [٤ \ ٩٢]، فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلدِّيَةِ فَهِيَ تَسْقُطُ بِتَصَدُّقِ مُسْتَحِقِّهَا بِهَا وَلَا يَرْجِعُ لِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ تَصَدُّقَ مُسْتَحِقِّ الدِّيَةِ بِهَا لَا يُسْقِطُ

1 / 59