50

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Editorial

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Ubicación del editor

توزيع

Géneros

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَنْصَارَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا أَنْ يَمُوتُوا مَعَ أَنَّهُمْ
كَانُوا أَهْلَ فَتْرَةِ، وَاللَّهِ تَعَالَى يَقُولُ: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [١٧ ١٥] .
وَيَقُولُ: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ الْآيَةَ [٤ \ ١٦٥]، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى هَذِهِ الْحُجَّةَ بِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ «طه»: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى [٢٠ ١٣٤] . وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي الْجَوَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، أَنَّهُ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لَمْ يَبْقَ عُذْرٌ لِأَحَدٍ، فَكُلُّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ.
كَمَا بَيَّنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ الْآيَةَ [١١ \ ١٧]، وَمَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ عِنْدَهُمْ بَقِيَّةً مِنْ إِنْذَارِ الرُّسُلِ الْمَاضِينَ، تَلْزَمُهُمْ بِهَا الْحُجَّةُ فَهُوَ جَوَابٌ بَاطِلٌ، لِأَنَّ نُصُوصَ الْقُرْآنِ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتِهِمْ نَذِيرٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ [٣٦ ٦] .
وَقَوْلِهِ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْآيَةَ [٣٢ \ ٣] .
وَقَوْلِهِ: وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ [٢٨ \ ٤٦] .
وَقَوْلِهِ: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ الْآيَةَ [٥ ١٩] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى. وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ [٣٤ ٤٤] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ.
وَصَفَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِكَوْنِهِمْ أَذِلَّةً حَالَ نَصْرِهِ لَهُمْ بِبَدْرٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى وَصْفُهُ تَعَالَى لَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْعِزَّةَ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [٦٣ \ ٨]، وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ الْعِزَّةِ وَالذِّلَّةِ مِنَ التَّنَافِي وَالتَّضَادِّ.

1 / 52