دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Editorial
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Ubicación del editor
توزيع
Géneros
عَنْ قَلْبِهِ، وَقَوْلِهِ لِلَّذِي سَارَّهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ قَالَ: أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْ قَتْلِهِمْ، وَقَوْلِهِ لِخَالِدٍ لَمَّا اسْتَأْذَنَهُ فِي قَتْلِ الَّذِي أَنْكَرَ الْقِسْمَةَ: إِنِّي لِمَ أُومَرْ بِأَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَيَدُلُّكَ لِذَلِكَ أَيْضًا إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى الظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ.
وَقَدْ نَصَّ تَعَالَى عَلَى أَنَّ الْأَيْمَانَ الْكَاذِبَةَ جُنَّةٌ لِلْمُنَافِقِينَ فِي الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ بِقَوْلِهِ: اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً [٥٨ \ ١٦]، وَقَوْلِهِ: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ [٩ \ ٩٥] . وَقَوْلِهِ: وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ الْآيَةَ [٩ \ ٥٦] . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ قَتْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِابْنِ النَّوَّاحَةِ صَاحِبِ مُسَيْلِمَةَ فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ جَاءَهُ رَسُولًا لِمُسَيْلِمَةَ: لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَقَتَلْتُكَ فَقَتَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ ﷺ.
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ الدَّالَّةُ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِمْ أَخَصُّ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّ فِيهَا الْقَيْدَ بِالرِّدَّةِ وَازْدِيَادِ الْكُفْرِ، فَالَّذِي تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الرِّدَّةُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْمُرْتَدِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى الْأَعَمِّ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى الْأَخَصِّ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَعَمِّ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْأَخَصِّ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْكُفْرُ، إِذَا أَخْلَصَ فِي الْإِنَابَةِ إِلَى اللَّهِ، وَوَجْهُ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا [٤ \ ٣٧] .
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ دَاخِلُونَ فِيهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الْآيَةَ [٤ \ ١٣٨] .
وَدَلَالَةُ الِاقْتِرَانِ وَإِنْ ضَعَّفَهَا الْأُصُولِيُّونَ فَقَدْ صَحَّحَتْهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا اعْتَضَدَتْ بِالْأَدِلَّةِ الْقَرِينَةُ عَلَيْهَا كَمَا هُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ
1 / 50