دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Abdul Qadir Muhammad Al-Madani Al-Shinqiti d. 1393 AH
110

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Editorial

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Ubicación del editor

توزيع

Géneros

بِجَعْلِهِمُ الْأَوْلَادَ لِلَّهِ وَاتِّخَاذِهِمُ الْأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [٤ \ ٤٨]، لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ كُفَّارَ أَهْلِ الْكِتَابِ دَاخِلُونَ فِيهَا. وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَيْسُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ الْآيَةَ [٩٨]، وَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ الْآيَةَ [٩٨ \ ٦] وَقَوْلِهِ: مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ الْآيَةَ [٢ \ ١٠٥]، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ. وَالَّذِي يَظْهَرُ لِمُقَيِّدِهِ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ وَجْهَ الْجَمْعِ أَنَّ الشِّرْكَ الْأَكْبَرَ الْمُقْتَضِي لِلْخُرُوجِ مِنَ الْمِلَّةِ أَنْوَاعٌ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ مُتَّصِفُونَ بِبَعْضِهَا وَغَيْرُ مُتَّصِفِينَ بِبَعْضٍ آخَرَ مِنْهَا، أَمَّا الْبَعْضُ الَّذِي هُمْ غَيْرُ مُتَّصِفِينَ بِهِ فَهُوَ مَا اتَّصَفَ بِهِ كُفَّارُ مَكَّةَ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ صَرِيحًا، وَلِذَا عَطَفَهُمْ عَلَيْهِمْ لِاتِّصَافِ كُفَّارِ مَكَّةَ بِمَا لَمْ يَصِفْ بِهِ أَهْلَ الْكِتَابِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَهَذِهِ الْمُغَايَرَةُ هِيَ الَّتِي سَوَّغَتِ الْعَطْفَ، فَلَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْكِتَابِ مُشْرِكِينَ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ طَاعَةُ الشَّيْطَانِ وَالْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ، فَإِنَّ مُطِيعَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ صَوَابٌ فَهُوَ عَابِدُ الشَّيْطَانِ مُشْرِكٌ بِعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ الشِّرْكَ الْأَكْبَرَ الْمُخَلِّدَ فِي النَّارِ، كَمَا بَيَّنَتْهُ النُّصُوصُ الْقُرْآنِيَّةُ كَقَوْلِهِ: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا [٤ \ ١١٧]، فَقَوْلُهُ: وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا. . . صَحَّ. . . مَعْنَاهُ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا شَيْطَانًا لِأَنَّ عِبَادَتَهُمْ لِلشَّيْطَانِ طَاعَتُهُمِ لَهُ فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ الْآيَةَ [٣٦ \ ٦٠] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى عَنْ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ: يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا [١٩ \ ٤٤]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ الْآيَةَ [٣٤ \ ٤١] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ الْآيَةَ [٦ ١٣٧]، فَكُلُّ هَذَا الْكُفْرِ بِشِرْكِ الطَّاعَةِ فِي

1 / 112