وقد ذكر تعالى ما يدل على خلاف ذلك بقوله: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ الآية [الأنفال/ ٦٦].
والجواب عن هذا: أن الأول منسوخ بالثاني، كما دل عليه قوله تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ [الأنفال/ ٦٦]. والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ [الأنفال/ ٧٢].
هذه الآية الكريمة تدل على أن من لم يهاجر لا ولاية بينه وبين المؤمنين حتى يهاجر.
وقد جاءت آية أخرى يفهم منها خلاف ذلك، وهي قوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة/ ٧١]، فإنها تدل على ثبوت الولاية بين المؤمنين، وظاهرُها العموم.
والجواب من وجهين:
الأول: أن الولاية المنفية في قوله: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ هي ولاية الميراث، أي: ما لكم شيء من ميراثهم حتى يهاجروا؛ لأن المهاجرين والأنصار كانوا يتوارثون بالمؤاخاة التي جعلها النبي ﷺ بينهم، فمن مات من المهاجرين ورثه أخوه الأنصاري دون أخيه المؤمن الذي لم يهاجر، حتى نسخ ذلك بقوله تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال/ ٧٥].
وهذا مروي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة. كما نقله عنهم