Dadaísmo y surrealismo: una introducción muy corta
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
ومع ذلك، هناك أسباب وجيهة جدا للنظر إلى الحركتين جنبا إلى جنب؛ خاصة لأن همومهما يمكن عادة المقارنة بينها بطريقة موحية وكاشفة بشكل عجيب. وضعت الحركتان ضمن أولوياتها المبدأ الشعري، وقللتا من شأن مفهوم الفن؛ حيث دعمتا الأمنية الطليعية بالمزج ما بين الفن والحياة. وقدمت كل حركة منهما نفسها باعتبارها «دولية» في روحها، وكانت السريالية في مراحلها اللاحقة عالمية فعليا، كما كانت الحركتان غير عقلانيتين أساسا في توجهاتهما.
فيما وراء ذلك، ثمة أوجه اختلاف دقيقة ومهمة بين الحركتين؛ فقد كانت الدادائية لا سلطوية في روحها إلى حد كبير، وكان الذين يمسكون بتلابيبها ويحافظون على تماسكها، على الرغم من وهن أواصرها - وهم: بال، وهيولسنبك، وتزارا، وبيكابيا - متناقضين إلى حد كبير حيال ما هم بصدده؛ حيث عرفوا الدادائية باعتبارها توكيدية وهدامة في آن واحد. وفي المقابل، كانت السريالية المسيرة بالميول التنظيمية لأندريه بريتون «حركة» متكاملة الأركان بقدر أكبر، بمعنى أن اسمها يوحي بتوجه ما. كان الدادائيون غير معنيين إلى حد كبير بإنتاج أغراض فنية قابلة للبيع على نحو تقليدي، بينما تخصص الفنانون السرياليون أمثال دالي وماجريت في أساليب أكثر تقليدية وقابلية للبيع، ألا وهي الرسم بالزيت. وباعتراف الجميع، انتقد بريتون الانشغالات التجارية لفنانين بأعينهم، لكن السريالية ربما كان من السهل وصفها بال «رجعية» إذا أردنا الحكم عليها بمعايير مكافحة الروح التجارية الدادائية والإبداع الفني. كان الدادائيون متخبطين بشأن قيم العقل؛ حيث وجدوا العقلانية المبالغ فيها جزءا من سقوط الإنسان، لكن السرياليين، في كتاباتهم النظرية على الأقل، وظفوا سبلا عقلية جدا، بشكل فيه مفارقة، لتمحيص الظواهر اللاواعية.
بالطبع هذه تعميمات، وستظهر المقارنات التفصيلية من دراسات الحالة والنقاشات المركزة في الفصول التالية. إن منهجي على الدوام، كما سبق أن أكدت في المقدمة، سيعنى بدراسة الكيفية التي التقت بها الدادائية والسريالية أو تشعبتا حول مجموعة من الأفكار الرئيسية. لقد تفاديت الربط بينهما قدر الإمكان، لكنني مع ذلك وجدت تلك الأفكار تستقر في لحظة ثقافية مشتركة تحاصرها حربان عالميتان. ثمة شيء واحد ينبغي أن يكون واضحا من الموجزات التاريخية المذكورة أعلاه؛ ألا وهو التأكيد الذي أولته كلتا الحركتين لجذب الانتباه لهما باعتبارهما بنيتين طليعيتين. لقد ذكرت البيانات العامة، وتحولات الوجهات التي ألمحت إليها مقالات نشرت في دوريات، وأهمية العروض الحية، وما إلى ذلك. إن هذا التركيز على التعميم سمة بارزة للغاية لهاتين الحركتين، ومن ثم فهو يعد الأساس الفكري للفصل التالي.
الفصل الثاني
«الحياة أفضل»: الترويج للدادائية والسريالية
في قصيدة نشرت عام 1923، أكد رائد السريالية أندريه بريتون على إعلاء الحياة على الفن؛ حيث اختتم قصيدته قائلا: «وبما أن الكلمات أمست مشحونة/فالحياة أفضل.» رفض الكتاب والشعراء المرتبطون بالدادائية والسريالية إخضاع التجربة الحياتية للتجربة الفنية؛ ربما كانوا مثاليين أو سذجا إذ حاولوا التوفيق بين تلك المبادئ، لكن هذا هو مستوى الطموح الذي يميز الدادائية والسريالية باعتبارهما بنيتين ثقافيتين طليعيتين في جوهرهما. كيف نفذت إذن هاتان الحركتان إلى نسيج الحياة اليومية؟ وكيف حاولتا التسلل إلى العالم الذي يتجاوز المعارض الفنية؟ وكيف روجتا لأنفسهما؟
في هذا الفصل، سأركز على ميل الدادائيين والسرياليين إلى «العروض» - سواء أكانت عروضا عابرة في مكان مغمور، أم أحداثا عامة تحظى بالترويج المناسب - وقدرتهم على إقامة عروض مثيرة للألباب متى شاركوا في معارض فنية. وسأمعن النظر أيضا في دورياتهم واستخداماتهم للتصوير الفوتوغرافي.
بصرف النظر عن الكيفية التي طرحت بها كل من الدادائية والسريالية نفسها على العالم الخارجي، كيف تخيل المشاركون في تلك الحركتين علاقتهم بذلك العالم؛ أي علاقتهم بظاهرة الحداثة الاجتماعية؟ للمساعدة في تسليط الضوء على هذه المسألة، سأمعن النظر في علاقتهم بالثقافة الشعبية، وكيف استوعبوا المدينة نفسها، وبناء على السرد الأساسي السابق طرحه في الفصل السابق، سنركز على «لحظات» محورية بعينها بغية بناء مجموعة مصورة من «اللقطات» للدادائية والسريالية.
الأسقف الساحر ومعرض الدادائية
لنبدأ بإعادة بناء لحظة دادائية تأسيسية؛ لو كنا قد قمنا بزيارة لكباريه فولتير ليلة الثالث والعشرين من يونيو عام 1916، لوجدنا أنفسنا داخل غرفة تحوي مسرحا وبيانو وطاولات ومقاعد تسع حوالي 50 شخصا. وتوضح صورة فوتوغرافية للوحة فقدت الآن لمارسيل يانكو (انظر الشكل
Página desconocida