Dacaya Ila Sabil Muminin
الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش
Géneros
يجلس إليه أصحابه فيعلمهم الكتاب الذي تعرف به الكمالات وتتأدى به جميع العبادات ، وتستفاد منه جميع العلوم ، ويوقف على مجامع الأخلاق الحميدة وخير الدنيا والآخرة ، والحكمة من الوعظ والإرشاد والدلائل والأحكام والمصالح والسنة والتسبب بأمور الدنيا ؛ لتتقوى بها دواعيهم إلى الإيمان والعمل الصالح والمعرفة بالدين والتفقه فيه ، ويعلمهم من أخبار الأنبياء والأمم الخالية والأيام الماضية وما هو حادث وكائن من الأمور التي لم يكونوا يعلمونها من أحوال الكون ونعوت الكمال ، ويعلمهم من يحتاجون إليه في معاشهم ومعادهم ، لذلك مدح بأنه على خلق عظيم ، يجلس إليه البدوي الفظ الغليظ الطبع فيصدر عنه وهو من خير الناس وأرسخهم إيمانا ، قال تعالى: { كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون } ( البقرة / 151) كان حريصا على المؤمنين عزيزا عليه مشقتهم رؤوفا رحيما ليس بصخاب ولا لعان ولا شاتم ، ( داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) يرسل الكلام وهو قريب من حد الإعجاز فيلج الأسماع بلا إذن ويستقر في القلوب فتصير منيبه إلى باريه (عز شأنه) حتى هدى تلك الأمة التي كانت من الانحطاط بمكان ، وزكاها من كل الأرجاس والأدناس { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } ( الشورى / 52)
فأصبحت تخر له فتن الشامخات وتستكين لإرادتها الأمم العريقات وتنشر في العالم أعظم المدنيات وقد أوتي عليه - الصلاة والسلام - من جوامع الكلم التي لم تعط لأحد جمعت من الحكمة والفصاحة والبلاغة ما بهر العقول وعني بها فلاسفة الأمم الأجنبية ، وهي ألذ شيء لدى القلوب الحية ، سطعت أنوارها في العالم العلمي واهتدت بها نفوس ، واتخذها أكابر الكاتبين في مقدمة الكلمات الذهبية ، منها قوله - صلى الله عليه وسلم - :( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) وقوله :( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) وقوله (كل الصيد في جوف الفرا ) وأمثالها كثير .
هذه صفاته وتلك أخلاقه التي مدحه عليها القرآن وجدير بالمؤمن المتبع له - صلى الله عليه وسلم - أن يتخلق بأخلاقه الكريمة ويتصف بصفاته الجليلة البالغة نهاية الحسن والجمال .
Página 90