واقترب الحاج والي من ابنه واحتضنه بذراعه اليمين، وسار به إلى الأريكة وجلسا. - ما لك يا محمد؟
وانفجر محمد: طلقتها يابا ... طلقتها ... طلقتها.
وأطرق الحاج والي قليلا، وراح الضباب يتصاعد أمام عينيه ولم يجد شيئا يقوله إلا: خير إن شاء الله ... خير إن شاء الله.
لم ينم محمد ليلته، وإنما راح يتقلب في فراشه، حتى آذن الفجر بشروق، فقام إلى البهو، وجلس به وحيدا، فلم تطل وحدته، فقد قام أبوه إلى صلاة الفجر. وانتظر محمد حتى ختم أبوه الصلاة فقال له: أبا ... أريد أحمد معي. - أنت تسهر في الخارج وأحمد سيكون وحده، ولن تراقبه. - أريد أحمد معي يابا ولن أسهر. سأعيش له يابا. - ما شئت يا بني، ما شئت.
وصحب الحاج والي ابنه وحفيده إلى القطار فركباه، وحين عاد وحيدا إلى طريق القرية لم يتصاعد الضباب أمام عينيه؛ أحس كأن الضباب قد ركب القطار مع ولده وحفيده. لقد آن لمحمد أن يحمل العبء الذي حملت. وتدور الحياة.
Página desconocida