La respuesta suficiente para quien pregunta por el remedio curativo
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء
Editorial
دار المعرفة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٨هـ - ١٩٩٧م
Ubicación del editor
المغرب
وَقَالَ لِابْنِهِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ: وَيْحَكَ ضَعْ خَدِّي عَلَى الْأَرْضِ عَسَاهُ أَنْ يَرْحَمَنِي، ثُمَّ قَالَ: وَيْلُ أُمِّي، إِنْ لَمْ يَغْفِرْ لِي (ثَلَاثًا)، ثُمَّ قُضِيَ.
وَكَانَ يَمُرُّ بِالْآيَةِ فِي وِرْدِهِ بِاللَّيْلِ فَتُخِيفُهُ، فَيَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَيَّامًا يُعَادُ، يَحْسَبُونَهُ مَرِيضًا، وَكَانَ فِي وَجْهِهِ ﵁ خَطَّانِ أَسْوَدَانِ مِنَ الْبُكَاءِ.
وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الْأَمْصَارَ، وَفَتَحَ بِكَ الْفُتُوحَ، وَفَعَلَ، فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو لَا أَجْرَ وَلَا وِزْرَ.
وَهَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ﵁ كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الْقَبْرِ يَبْكِي حَتَّى تُبَلَّ لِحْيَتُهُ، وَقَالَ: لَوْ أَنَّنِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ لَا أَدْرِي إِلَى أَيَّتِهِمَا يُؤْمَرُ بِي، لَاخْتَرْتُ أَنْ أَكُونَ رَمَادًا قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ إِلَى أَيَّتِهِمَا أَصِيرُ.
وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁ وَبُكَاؤُهُ وَخَوْفُهُ، وَكَانَ يَشْتَدُّ خَوْفُهُ مِنِ اثْنَتَيْنِ: طُولِ الْأَمَلِ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى، قَالَ: فَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ، وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ مُدَبِّرَةً، وَالْآخِرَةَ مُقْبِلَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَنُونُ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابٌ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ.
وَهَذَا أَبُو الدَّرْدَاءِ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ أَشَدَّ مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُقَالَ لِي: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَدْ عَلِمْتَ، فَكَيْفَ عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَنْتُمْ لَاقُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمَا أَكَلْتُمْ طَعَامًا عَلَى شَهْوَةٍ، وَلَا شَرِبْتُمْ شَرَابًا عَلَى شَهْوَةٍ، وَلَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا تَسْتَظِلُّونَ فِيهِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَضْرِبُونَ صُدُورَكُمْ، وَتَبْكُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ ثُمَّ تُؤْكَلُ.
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْفَلُ عَيْنَيْهِ مِثْلُ الشِّرَاكِ الْبَالِي مِنَ الدُّمُوعِ.
وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ، وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أُخْلَقْ وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ، فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا عَنْزٌ نَحْلِبُهَا وَحُمُرٌ نَنْقُلُ عَلَيْهَا، وَمُحَرَّرٌ يَخْدِمُنَا، وَفَضْلُ عَبَاءَةٍ، وَإِنِّي أَخَافُ الْحِسَابَ فِيهَا.
وَقَرَأَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لَيْلَةً سُورَةَ الْجَاثِيَةِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [سُورَةُ الْجَاثِيَةِ: ٢١] جَعَلَ يُرَدِّدُهَا وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ.
1 / 41