La respuesta suficiente para quien pregunta por el remedio curativo
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء
Editorial
دار المعرفة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٨هـ - ١٩٩٧م
Ubicación del editor
المغرب
وَكَاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ عَلَى صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ، حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: يَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ الْعَامِ كُلَّهَا، وَيَبْقَى صَوْمُ عَرَفَةَ زِيَادَةً فِي الْأَجْرِ، وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ، أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَهِيَ إِنَّمَا تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ.
فَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، لَا يَقْوَيَا عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ، إِلَّا مَعَ انْضِمَامِ تَرْكِ الْكَبَائِرِ إِلَيْهَا، فَيَقْوَى مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ.
فَكَيْفَ يُكَفِّرُ صَوْمُ يَوْمِ تَطَوُّعٍ كُلَّ كَبِيرَةٍ عَمِلَهَا الْعَبْدُ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهَا، غَيْرُ تَائِبٍ مِنْهَا؟ هَذَا مُحَالٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ مُكَفِّرًا لِجَمِيعِ ذُنُوبِ الْعَامِ عَلَى عُمُومِهِ، وَيَكُونُ مِنْ نُصُوصِ الْوَعْدِ الَّتِي لَهَا شُرُوطٌ وَمَوَانِعُ، وَيَكُونُ إِصْرَارُهُ عَلَى الْكَبَائِرِ مَانِعًا مِنَ التَّكْفِيرِ، فَإِذَا لَمْ يُصِرَّ عَلَى الْكَبَائِرِ لِتَسَاعُدِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ الْإِصْرَارِ، وَتَعَاوُنِهِمَا عَلَى عُمُومِ التَّكْفِيرِ، كَمَا كَانَ رَمَضَانُ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَعَ اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ مُتَسَاعِدَيْنِ مُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ قَالَ: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٣١]
فَعُلِمَ أَنَّ جَعْلَ الشَّيْءِ سَبَبًا لِلتَّكْفِيرِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَتَسَاعَدَ هُوَ وَسَبَبٌ آخَرُ عَلَى التَّكْفِيرِ، وَيَكُونُ التَّكْفِيرُ مَعَ اجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ أَقْوَى وَأَتَمَّ مِنْهُ مَعَ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا، وَكُلَّمَا قَوِيَتْ أَسْبَابُ التَّكْفِيرِ كَانَ أَقْوَى وَأَتَمَّ وَأَشْمَلَ.
حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ
وَكَاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ ﷺ حَاكِيًا عَنْ رَبِّهِ " «أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» يَعْنِي مَا كَانَ فِي ظَنِّهِ فَإِنِّي فَاعِلُهُ بِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْإِحْسَانِ، فَإِنَّ الْمُحْسِنَ حَسَنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ أَنْ يُجَازِيَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَلَا يُخْلِفَ وَعْدَهُ، وَيَقْبَلَ تَوْبَتَهُ.
وَأَمَّا الْمُسِيءُ الْمُصِرُّ عَلَى الْكَبَائِرِ وَالظُّلْمِ وَالْمُخَالَفَاتِ فَإِنَّ وَحْشَةَ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ وَالْحَرَامِ تَمْنَعُهُ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِرَبِّهِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الشَّاهِدِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ الْخَارِجَ عَنْ طَاعَةِ سَيِّدِهِ لَا يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ، وَلَا يُجَامِعُ وَحْشَةَ الْإِسَاءَةِ إِحْسَانُ الظَّنِّ أَبَدًا، فَإِنَّ الْمُسِيءَ مُسْتَوْحِشٌ بِقَدْرِ إِسَاءَتِهِ، وَأَحْسَنُ النَّاسِ ظَنًّا بِرَبِّهِ أَطْوَعُهُمْ لَهُ.
كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأَحْسَنَ الْعَمَلَ وَإِنَّ الْفَاجِرَ أَسَاءَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأَسَاءَ الْعَمَلَ.
وَكَيْفَ يَكُونُ مُحْسِنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ مَنْ هُوَ شَارِدٌ عَنْهُ، حَالٌّ مُرْتَحِلٌ فِي مَسَاخِطِهِ وَمَا يُغْضِبُهُ،
1 / 25