============================================================
العن الخامس: من كماب عيون المسائل والجوابات فإذا قال قائل: فلم لا جاز أن يوجد ما لا يقدر عليه حتى لا يبقى منه شيء لم يوجده كان قد صرف الوصف له بالقدرة عن جهته؟ وقيل له: هذا لو كان هكذا لم يكن قادرا على ما لا يتناهى ويقال لهم: محال قول القائل: إنه يقدر أن يخرج ما لا نهاية له إلى الوجود؛ لأن معنى هذا أنه يقدر أن يجعل ما ليس بمتناه متناهيا، وهذا محال.
ونحن لا نطلق عند التحرير أنه يقدر أن يفعل الضدين، ولكنا نقول: إنه يقدر على ما لا نهاية له، كأن يفعل ما يتناهى ثم ما يتناهى ثم كذلك بلا نهاية، كما أنا نقول يقدر على الضدين بأن يفعل أحدهما بدلأ من صاحبه، لا بأن يجمعهما، ويقال لهم: أنتم تقرون بأن القادر الذي لا يزال قادرا يقدر من الأفعال على ما لا يتناهى ولا آخر له في المستأنف، ولم يخرج في المستأنف منها إلى الوجود إلا ما هو متناه له آخر. فنحن قد كفينا مؤونتكم في هذا الباب.
مسألة: قال الملحدون: إذا أجزتم أن يكون لها أول، ولا آخر لها، فما أنكرتم أن يكون أفعال لها آخر ولا أول لها؟
الجواب: قال بعض الموحدين: لسنا نزعم أن من الأفعال ما له أول ولا آخرله، بل ما له أول فله آخر؛ لأن الأول والآخر من باب المضاف كالشريك والأب والأخ، فكأنما أحد الشريكين لا يكون شريكا حثى يكون الآخر شريكه، والأب لا يكون أبا حثى يكون له ابن، والأخ لا يكون أخا حتى يكون له أخح، فكذلك الأشياء لا يكون لها أول حتى يكون لها آخر، وأيضا إلا كان لها
آخر، ولا يكون لها آخر إلا كان لها أول.
Página 585