============================================================
مقالات البلخي أنها معلوم بعلم لازم معها؛ لكانت معلومة مجهولة في حال واحدة من وجه واحد، وهذا بين الإحالة.
ووجه آخو: وهو أن يد الحق مبسوطة على كل باطل؛ لأنه يدفع الأباطيل كلها. وإذا كان هذا هكذا فواجت أن تكون الحجة مبطلة لكل جهل، وليس الباطل مخلا، وكل حق ولا في قواه متساورية(1)، فلذلك وجب تثبيث علم ليس للشبهة على ازالته سبيل.
وقد زعم قوم أنهم يجهلون أفعال الله - جل ذكره - لأعيانهم من وجه، وذلك جهلهم بكيفية حدوثها لا من شيء وكيف يتولى الله خلقها. وقال بعضهم: الماهية مجهولة أبدا.
قال: وليس هذا القول شيئا؛ لأنهم يعتقدون شيئا مما فرقوا بنفسهم بالجهل به على غير حقيقته ولا ثبوته، فكانوا جهالا به.
فإن قالوا: أليس يجوز أن يخلو من اشتباه واعتقاده على حقيقته، ومن تفيه واعتقاده على غير حقيقته؟
فإذا قالوا: بلى؛ قلنا لهم: فافرقوا بينكم وبين من جؤز عليكم الخروج من معرفته والجهل به، ولا فرق بين أن يخلو من إثبات الشيء ونفيه، وبين أن يخلو من معرفته وجهله. على أنه لا علم إلا إثبات إنية الشيء واعتقاد حقائقه على ما هي عليه؛ لأنك إنما تعلمه بأن تعرف وجوده، وأنه محدث أو قديم، أو أنه لا يبقى أو يبقى في أشباه ذلك. فالأؤل إثبات إنيته والثاني إثبات حقائقه وعمله بأن يبقى وجود إنيته كنفي الأصم للحركة، أو يعتقد أنه قديم وهو (1) كذا العبارة في الأصل!
Página 574