============================================================
مقالات البلخي ويقال لهم: قد يجب على قياس قولكم أن تكونوا جهالا حمقا باعتقاد من اعتقد ذلك منكم علما، وعقلا عند من نفى الجهل عنكم.
فأما أصحاب العناد فقد قلنا: إنه لا تجب مناظرتهم ولا كسر قولهم من طريق الحجاج والاستدلال؛ لأن الذي أنكروه هو العلوم الواقعة لا بدليل، التي عليها تبنى علوم الاستدلال، وأنه لا بد من حق يرجع إليه هو الدليل على غيره 31/ الثابت بنفسه/ في البداهة أو من طريق الحس، لا بدليل ولا استخراج، وإن الناظر لهم جار على مذهبه؛ لأنه عند أخذه في مناظرتهم يكون قد سلم لهم أنه لا حق إلا وهو إنما يثبت من طريق الدليل، وإذا كان ذلك فلا دليل إلا وعليه دليل؛ لأن الدليل لا يكون إلا حقا، وإن كان لا دليل دالا عليه فلا دليل إذا ولا مدلول عليه. وقد استقصينا هذا في الكتاب الأول، وأثبتناه هناك بطرف من القول في الاستشهاد بالحاضر على الغائب، ولو كان مضافا إلى ما أثبتناه في هذا المكان، وكان ما كتبناه هنا مضافا إلى ما هناك كان أصوب فيما نرى: فإن قال قائل: إذا زعمتم أن العلوم ما تقع بدليل ولا استدلال، وأن ما كان كذلك فليس له من الجهل؛ لأن كل مجهول محتاخج إلى دليل، فما أنكرثم أن يكون جهل يقع إلا يشبهة، ولا ضد له من العلم كما كان علما واقعا لا بدليل ولا ضد له من الجهل؟
قيل له: ذلسك للفرق بين الحق والباطل؛ فإن كان السائل مقرا للفرق بينهما، وبثبوت الحق وفساد ما ضاده من الجهل؛ فليس له أن يسأل عن هذا؛ لآنه لو وجب جهل لا يشبهة لم يكن إلى دفعه وإثبات ضده سبيل. ولو كان ذلك كذلك لكان حقا، وفي مثل مرتبة الحق؛ لأنه إذا لم يثبث ضده ثبت هو، ال ولم يكن إلى دفعه سبيل فهو حق، وعاد الأمز إلى أنه لا فرق بين الحق والباطل
Página 572