============================================================
الفن الخامس: من كتاب عيون المسائل والجوابات ويقال لهم: ما تعنون بقولكم: اللون جسم عند الجسمي، عرض عند العرضي؟ أتعنون بأن الجسمي يعتقده أنه جسم، وأن العرضي يعتقده أنه عرض، وإن لم يكن له في نفسه حقيقة واحدة. كما أن الناظر إلى زيد من بعد يعتقد أنه عمروو وليس بعمروفي الحقيقة؟ أم تعنون أن له حقيقة من متضادتين، إحداهما معروفة عند الجسمي والأخرى معروفة عند العرضي؟
فإن زعموا أنهم ذهبوا إلى الأمر الأول فلا خلاف(1) بيننا وبينهم فيما عتؤه بقلوبهم، إلا أنهم قد عبروا بعبارة ودية.
وإن زعموا أنهم ذهبوا إلى المعنى الثاني قيل لهم: وأي شيء جعل للؤن هاتين الحقيقتين؟ فإن قالوا: الاعتقادان اللذان وقعا عليهما لزمهم أن يزعموا ان من شبه زيدا بعمرو فاعتقد أنه عمرو قد جعل زيدا عمرا على الحقيقة، كما يجعل رافع الحجر متحركا يرفعه إياه، وكما يجعل الضائغ الفضة خاتما، وهذا التجاهل.
ويقال لهم: أرأيتم إن صار الناس كلهم جسمين، أليس تبطل إحدى حقيقتي اللون ببطلان اعتقادهما؟
فإن قالوا: بلى؛ لزمهم أن يقولوا: لو غفل الناس عن هذين الاعتقادين، ل وتشاغلوا بلذاتهم لبطل اللون بتة؛ لأنه يبطل أن يكون جسما أو عرضا.
ويقال: فلم لا تجوز الحركة باقية باعتقاد من ثبتها باقية، غير باقية باعتقاد من تفاها، حقا عند من ثبت وجودها، باطلأ عند من نفاهاء فإن مروا على هذا تجاهلوا.
(1) في الأصل: خلا.
Página 571