============================================================
مفالات البلخي القلوب بغير استدلا، وإن أمكن أن يستويا في الحاجة إلى الدليل، ومتى صح ابتداء فاعل من الفاعلين للعلم في القلوب بطلب الحواس والعقول؛ لأته إذا لم يكن للعقل والفكر عمل استنباط معرفة للغائب، ولا للحواس عمل في ادراك العلوم بالمحسوسات في القلوب؛ فقد تعدى جميع ذلك من حواصل أعماله، وصار بمنزلة اليد والرجل. ومن زعم أنه لا فصل بين اليد والرجل في أنهما غير مميزين للعلوم وأنهما لا يصلحان لذلك؛ لزمه أن يزعم أنه لا فصل بين الفتح والغض، ولا بين الفكر والضد، ولا بين العمى والبصر، وفي هذا غاية التجاهل.
فإن قال قوم: أليس العادة قد جرث بأن لا يكون ولد إلا من جماع، ولا ثمرة إلا من شجرة بترتيب وتربية، ثم قد تجيزون أن يحدث الإنسان لا من جماع، وثمرة لا من شجرقه فلم لا أجزتم في العلم بالغائب مثل هذا؟
قيل لهم: إن كان هذا قياسأ فأجيزوا كما عارضناكم به قياسا على الولد والشجرق وإلا فإن فرقكم بين ذلك وبينهما هو فرق بين العلم وبينهما، فقولوا (11) بسا في ذلك ما شئتم/ من كلامي: فأقول: إنه يقال لهم: ليس الولد عندنا حادثا، وإنما هو أجسام تجتمغ، ومواد تتصل قد كانت موجودة، والأجسام لا تحدث إلا اختراعا غير موجبة.
فلما كان هذا هو السبيل فيها متى حدثث يومنا هذا أو قبل ذلك لم يكن قياسا لما قد أقررثم بأنه يومنا هذا يحدث بعقب النظر والفكر، ويقع موجبا بهما، بل الواجب أن يكون كل واحد من هذين الأصلين على ما وجدناهما عليه متى وجدا، والحادث الموجب التشبيه بالعلم الموجب بالنظر هو اجتماع الأجسام، واتصال المواد، ولن يجوز أن يقع هذا بالحس منهما أبدا - يعني
Página 568