============================================================
القن الخامس: من كماب عيون المسائل والجوابات فإن قالوا: تعم؛ قلنا: وكان يجوز أن تجري بحدوثه من العمى كما جرث بحدوثه مع البصر، فيكون البصر عند ذلك كالعمى اليوم.
فإن قالوا: نعم؛ فقد زعموا أنه لا فصل بين البصر والعمى في إدراك علم الألوان بهما/ . وإن كان هذا هكذا، فلا فصل بين القدرة والعجز في ارتفاع (1/13) الفعل بهما وفي بعده معهما، ولا بين الحياة والموت، والضحة والسقم، ولا بين العقل والجنون في القدرة على التمييز واستخراج صواب الرآي.
قالوا: فإن سألوا فقالوا: ما نكريم أن يحدث العلم بكل ما تخالج فيه الشكوك في قلوبكم من غير نظر؟ قيل لهم: أنكزنا ذلك من قبل أن كل معلوم؛ فليس يخلو من أن يكون متجليا للحسن، أو ممتنعا لوقوعه عليه. فالمتجلي يجث استغناؤه عن الدليل لامتناعه من ذلك، وإن كان ممتنعا استغنى عن الدليل لغيبته، كما يجب استغناء المتجلي عنه لتجليه؛ لأنهما في الغايتين؟
والغاية يجب لها ما يجب لضدها، ويجوز فيها ما يجوز في ضدها، فلو جاز أن يزول شيء من هذه العلوم عن موضعه وطريقه؛ جاز ذلك في جميعها؛ لأنهالم تقع مواقعها اختبارا لذلك، ولكن لما يجب لحقيقتها، ولأنها هكذا في أعيانها.
وبعذ؛ فليس يعدو المحسوسن من أحد منزلتين؛ إما أن يكون فاعل من الفاعلين أغنى بمعرفته عن الاستدلال بوضع العلم به في القلب، وإما أن تكون الحواس وتجليه لها أغنتنا عن ذلك. فإن كان استغناؤه من الوجه الأؤل كان يجوز أن يفعل ذلك الفاعل بالعلم به، فيكون بمنزلة ما لا يتجلى للحس، وإن جاز هذا جاز أن تصير الأشياء كلها غايته، وهذا غاية الفساد.
فإن كانت الحواس وتجليه لها أغنتنا عن الاستدلال عليه، وكان لا يتجلى للحواس، ولا يقع عليه مستغنيا أيضا عن الاستدلال بحدوث العلم فيه في
Página 567