============================================================
الفن الخامس: من كتاب عيون المسائل والجوابات ابطال ما لا تبطله الحواسن، وصواب الوقوف فيما لا يوقف فيه؛ لأن الحاسة ليس عندنا إلا وجدان الشيء على ما هو عليه دون غيره.
وكذلك يقال لأهل الخبر؛ وذلك أنه ليس في الخبر أنه لا حجة إلا في الخبر، وأن حجة العقل والنظر ساقطة. وليس فيه أيضا أن الوقوف واجث، فكل ما يكون هذا بابه فهو غيره.
فإن قال أصحاب الخبر: إن الحجة في الخبر كما أنكم بالعقل تعلمون أن الحجة في العقل.
قيل لهم: ليس ذلك على ما وصفتم؛ لأن العقل يعرف به ما ليس محسوسا أو منصوصا فيه، وليس يعرف بالخبر إلا ما حس، وليس في شيء من الخبر اللازم أنه لا حجة إلا في الخبر، اللهم إلا أن تزعموا أن الخبر يدل من استدل واستنبط واستخرج، على أنه لا حجة إلا في الخبر، فتصححون حجة الاستدلال والنظر من حيث أردتم بافسادها، وهذا قصور في كلامكم.
قال: ومما يدل على صحة أمر العقل أن كل واحدة من الحواس لا يجتمع لها علمان مختلفان في التحديق والإصغاء، والجامع لذلك الحافظ له شيء عندهما، وليس يجوز أن يكون العلم بذلك من طريق شيء من الحواس؛ لأن الحاسة لا يؤدي العلم بما تقع عليه، وهي لا تقع على اللون والصوت، فنتخ العلم بأنهما يختلفان، وأن خاصيتهما تغايران، وليس يقع هذا إلا بالعقل.
والدليل على أنه بالعقل يقع أنه يفقد مع فقده، وإن وجد كل شيء غيره، ويوجذ مع وجوده، وإن عدم كثير من الحواس وغيرها. ومثل هذا أن العقل يعرف أن الحواس قد أدركث فيما مضى شيئا، والحواسن لا تؤدي العلم
Página 557