============================================================
مقالات البلخي فإن قالوا: نعم. قيل لهم: فلم لا يكون وجود الفكر دليلا على أنه يصلح للفكر؟ وما بال التنفس تفزع إلى الفكر طباعا كما تفزع إلى الهرب من الأذى طباعا، والفكز لا تجد عليها شيئا، ولا يوصلها إلى مطلوبها كما يفعل ذلك الهرب من الأذى؟
فإن قالوا: قد تفكر النفسن فتعطب غالطة في الفكر.
قلنا لهم: وقد تهرب من الشنيع فتعطب بعيده غالطة، إلا أن هذا لا يبطل صحة الهرب.
ويقال لهم: إن لم تكن الحجة إلا في علوم الحواسن، وأن حجة العقل والنظر ساقطة، وهذا يمنعكم من تصحيحها وإبطال العقل والنظر.
ويقال لهم: ليس لكم أن تبطلوا إلا ما أبطلته الحواسن، كما ليس لكم أن تصححوا إلا ما صكحتة، وإلا فقد وقع الإبطال من غير الجهة الصحيحة ووقع فساده لخروجه من أعمال الحواس.
ولشنا نريد منكم إلاالإقرار) على إبطال العقول والنظر بالفساد وبوقوعه بغير خجةه.
ويقال لهم: وليس لكم أيضا أن تقفوا إلا فيما وقفتكم فيه الحواسن، وإلا فوقوفكم فيه فاسد، لا يجوز لكم الدعاء إليه والثبات عليه؛ لأنه ليس بالحاسة ثبتت ووجبت(1) حجية، وصواب المقتصر عليه. فبضرورة يعلم أنكم لاتقدرون الا على بعض هذه المنازل التي قد منعكم منها مذهبكم. وكل ما ألجأ إلى هذا فالضرورة أيضا توجب فساده(2)، ولا بد من شيء غير الحواس به يعرف صحة (1) في الأصل: ثبت ووجب.
(2) في الأصل: فساد.
Página 556