وقال أبو حنيفة: تحمل نصف عشر الدية، وهي الموضحة والسن، وهو خمس من الإبل، وما دون ذلك فمن مال الجاني.
١٠٣٢ - مسألة:
لا تعقل العاقلة من أصاب نفسه خطأ، وبه قال ربيعة والثوري وأبو حنيفة والشّافعيّ.
وقال الأوزاعي وأحمد: إذا أصاب نفسه خطأ، فأرش جنايته على عاقلته، فإن عاش غرموها له، وإن مات فلورثته.
واحتجوا بما روي أن رجلًا كان يسوق حمارًا ... الحديث ... فضربه بعصا فأصابت العصا عين الرَّجل ففقأتها، فقضى عمر بدية عينه على عاقلته، وقال: "يدٌ مِن أَيدي المُسلِمين جَنَتْ، لمَ يَضْمَنوا عَمْدًا" (١).
يريد: أنّه ليس بعمد، فلا يلزمهم.
ودليل مالك: ما رواه عوف بن مالك ﵄: أن أباه ضرب مشركًا، فعاد السيف عليه فقتله، فامتنعوا من الصّلاة عليه، وقالوا: قد أبطل جهاده مع النبيّ ﷺ، فبلغ ذلك النبيّ ﷺ، فقال: "ماتَ شَهيدًا، ماتَ مُجاهِدًا" (٢).
ولم يوجب ديته على عاقلته، وقتل نفسه خطأ.
وأيضًا: فإن الدية إنّما جعلت على العاقلة تخفيفًا على الجاني، فإن لم يجب على الجاني لأحد شيء، لم يجب التخفيف بلزوم العاقلة شيء.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: ٦/ ٣٩٣، وبلفظ قريب منه عند عبد الرزّاق: ٩/ ٤١٢ و٤١٥.
(٢) أخرجه بلفظ قريب عبد الرزّاق في مصنفه: ٩/ ٤١٢ - ٤١٣ عن الزّهريُّ: ولفظه: "كلا بل مات مجاهدًا، له أجران". وأصل الحديث في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع ﵁: أن أخاه عامرًا ﵁ هو الّذي عاد عليه سيفه فقتله؛ البخاريّ (٤١٦٩) و(٦١٤٨) و(٦٨٩١)، ومسلم (١٨٠٧).