Uthman Ibn Affan: entre el califato y el reino
عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك
Géneros
أنه قال: «أصدق أمتي حياء عثمان.» وكان حياؤه يزيد في تلفته. وكان لإحدى نسائه جارية تدعى بنانة، فكان إذا اغتسل جاءته بثيابه فيقول لها: «لا تنظري إلي فإنه لا يحل لك.» ثم كان حياؤه يدعو إلى الحياء منه. روي عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله كان جالسا كاشفا فخذه فاستأذن عليه أبو بكر فأذن له وهو على حاله، واستأذن عليه عمر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه. فلما قاموا قالت عائشة: «يا رسول الله، استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك.» قال رسول الله: «يا عائشة، ألا نستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه.» أو قال: «ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة.» وفي رواية أن عائشة قالت: «يا رسول الله ما لي لا أراك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان.» فكان جوابه: «إن عثمان رجل حيي، فإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة ألا يبلغ إلي حاجته.»
وكان عثمان لحيائه يهاب الحديث. روى ابن سعد في الطبقات قول أحدهم: ما رأيت أحدا من أصحاب رسول الله كان أتم حديثا ولا أحسن من عثمان، إلا أنه كان يهاب الحديث، وكان لهيبته الحديث يعاف الحوار وطول الجدل، فإذا التزم أمرا أصر عليه فتعذر صرفه عنه، وكان يزيد في إصراره على رأيه ما أفاء الله عليه من بسطة في الرزق، وأنه من بني أمية أكثر قريش عددا وأقواها يدا. على أن ما جلبه عليه حياؤه من هيبة الحديث جعله لين الجانب، كما جعله ثراؤه وعلو حسبه كريما محسنا. وحببه كرمه وحببته رقته إلى الناس. ثم كان لاعتداده لعشيرته واعتزازه برأيه محترما فيهم مرموقا منهم بعين التقدير والإكبار.
وكان تاجر بز في جاهليته وإسلامه. وكانت أمانته وما قدمنا من صفاته سببا في رواج تجارته وكثرة ربحه، ثم كانت وكان حياؤه مانعين له في صباه وشبابه من الانزلاق مع نزوات الشباب. فلم يؤثر عنه أنه كان صاحب فخر أو صحاب نساء. وإن دلت الروايات مجتمعة على أنه كان رقيق القلب حلو المعشر، للعاطفة على نفسه سلطان أي سلطان. وكانت رقته وحلاوة معشره تدعوانه لتجنب الأذى والقسوة ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
ولد عثمان في السنة السادسة لعام الفيل، فكان يصغر النبي بست سنوات. ولقد عاش في صباه وفي شبابه عيش أمثاله الموسرين من قريش عامة ومن بني أمية خاصة. فلما بعث رسول الله كان في السابقين الأولين إلى الإسلام. وقد ذكر المؤرخون في سبب إسلامه روايات نثبت بعضها هنا.
قال ابن هشام في السيرة: «إن أبا بكر بعد إسلامه جعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه؛ فأسلم بدعائه عثمان بن عفان وسبعة آخرون سبقنا إلى ذكرهم. فجاء بهم أبو بكر إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
حين استجابوا لدعائه فأسلموا وصلوا.» وقال ابن سعد في الطبقات: خرج عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله على أثر الزبير بن العوام، فدخلا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فعرض عليهما الإسلام، وقرأ عليهما القرآن وأنبأهما بحقوق الإسلام ووعدهما الكرامة من الله، فآمنا وصدقا، فقال عثمان: «يا رسول الله، قدمت حديثا من الشام، فلما كنا بين معان والزرقاء فنحن كالنيام إذا مناد ينادينا: أيها النيام هبوا، فإن أحمد قد خرج بمكة، فقدمنا فسمعنا به. وكان إسلام عثمان قديما قبل دخول رسول الله
صلى الله عليه وسلم
Página desconocida